على المدينة أن النباش لا يقطع ويعزر وكان الصحابة متوافرين يومئذ وقال أبو يوسف ابن أبى ليلى وأبو الزناد وربيعه يقطع وروى مثله عن ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز والشعبي والزهري ومسروق والحسن والنخعي وعطاء وهو قول الشافعى والدليل على صحة القول الأول أن القبر ليس بحرز والدليل عليه اتفاق الجميع على أنه لو كان هناك دراهم مدفونة فسرقها لم يقطع لعدم الحرز والكفن كذلك فإن قيل إن الأحراز مختلفة فمنها شريحة البقال حرز لما في الحانوت والإصطبل حرز للدواب وللأموال ويكون الرجل حرزا لما هو حافظ له وكل شيء من ذلك حرزا لما يحفظ به ذلك الشيء في العادة ولا يكون حرزا لغيره فلو سرق دراهم من إصطبل لم يقطع ولو سرق منه دابة قطع ذلك القبر هو حرز للكفن وإن لم يكن حرزا الدراهم* قيل له هذا كلام فاسد من وجهين أحدهما أن الأحراز على اختلافها في أنفسها ليست مختلفة في كونها حرزا لجميع ما يجعل فيها لأن الإصطبل لما كان حرزا للدواب فهو حرز للدراهم والثياب ويقطع فيما يسرقه منه وكذلك حانوت البقال هو حرز لجميع ما فيه من ثياب ودراهم وغيرها فقول القائل الإصطبل حرز للدواب ولا يقطع من سرق منه دراهم غلط والوجه الآخر أن قضيتك هذه لو كانت صحيحة لكانت مانعة من إيجاب قطع النباش لأن القبر لم يحفر ليكون حرزا للكفن فيحفظ به وإنما يحفر لدفن الميت وستره عن عيون الناس وأما الكفن فإنما هو للبلى والهلاك ودليل آخر وهو أن الكفن لا مالك له والدليل عليه أنه من جميع المال فدل على أنه ليس في ملك أحد ولا موقوف على أحد فلما صح أنه من جميع المال وجب أن لا يملكه الوارث كما لا يملكون ما صرف في الدين الذي هو من جميع المال ويدل عليه أيضا أن الكفن يبدأ به على الديون فإذا لم يملك الوارث ما يقضى به الديون فهو أن لا يملك الكفن أولى وإذا لم يملكه الوارث واستحال أن يكون الميت مالكا وجب أن لا يقطع سارقه كما لا يقطع سارق بيت المال وأخذ الأشياء المباحة التي لا ملك لها* فإن* قال قائل جواز خصومة الوارث المطالبة بالكفن دليل على أنه ملكه* قيل له الإمام يطالب بما يسرق من بيت المال ولا يملكه ووجه آخر وهو أن الكفن يجعل هناك للبلى والتلف لا للقنية والتبقية فصار بمنزلة الخبز واللحم والماء الذي هو للإتلاف لا للتبقية فإن قال قائل القبر حرز للكفن لما روى عبادة بن الصامت عن أبى ذر قال قال رسول