وقوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) قال ابن عباس هو في الجاحد لحكم الله وقيل هي في اليهود خاصة وقال ابن مسعود والحسن وإبراهيم هي عامة يعنى فيمن لم يحكم بما أنزل الله وحكم بغيره مخبرا أنه حكم الله تعالى ومن فعل هذا فقد كفر فمن جعلها في قوم خاصة وهم اليهود لم يجعل من بمعنى الشرط وجعلها بمعنى الذي لم يحكم بما أنزل الله والمراد قوم بأعيانهم وقال البراء بن عازب وذكر قصة رجم اليهود فأنزل الله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ـ الآيات إلى قوله ـ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال في اليهود خاصة وقوله (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) في الكفار كلهم وقال الحسن ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون نزلت في اليهود وهي علينا واجبة وقال أبو مجلز نزلت في اليهود وقال أبو جعفر نزلت في اليهود ثم جرت فينا وروى سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى البختري قال قيل لحذيفة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون نزلت في بنى إسرائيل قال نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل إن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مرة ولتسلكن طريقهم قد الشراك قال إبراهيم النخعي نزلت في بنى إسرائيل ورضى لكم بها وروى الثوري عن زكريا عن الشعبي قال الأولى للمسلمين والثانية لليهود والثالثة للنصارى وقال طاوس ليس بكفر ينقل عن الملة وروى طاوس عن ابن عباس قال ليس الكفر الذي يذهبون إليه في قوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وقال ابن جريج عن عطاء كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق وقال على بن حسين رضى الله عنهما ليس بكفر شرك ولا ظلم شرك ولا فسق شرك قال أبو بكر قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) لا يخلو من أن يكون مراده كفر الشرك والجحود أو كفر النعمة من غير جحود فإن كان المراد جحود حكم الله أو الحكم بغيره مع الأخبار بأنه حكم الله فهذا كفر يخرج عن الملة وفاعله مرتد إن كان قبل ذلك مسلما وعلى هذا تأوله من قال إنها نزلت في بنى إسرائيل وجرت فينا يعنون أن من جحد منا حكم أو حكم بغير حكم الله ثم قال إن هذا حكم الله فهو كافر كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك وإن كان المراد به كفر النعمة فإن كفران النعمة قد يكون بترك الشكر عليها من غير جحود فلا يكون فاعله خارجا من الملة والأظهر هو المعنى الأول لإطلاقه اسم الكفر على من لم يحكم بما أنزل الله