عن تغليظ العقاب في أن بعض ما يستحقون به يهلكهم وقيل أراد تعجيل البعض بتمردهم وعتوهم وقال الحسن ما عجله من إجلاء بنى النضير وقتل بنى قريظة قوله تعالى (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) فيه وجهان أحدهما أنه خطاب لليهود لأنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه وإذا أوجب على أغنيائهم لم يأخذهم به فقيل لهم أفحكم عبدة الأوثان تبغون وأنتم أهل الكتاب وقيل إنه أريد به كل من خرج عن حكم الله إلى حكم الجاهلية وهو ما تقدم عليه فاعله بجهالة من غير علم قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً) إخبار عن حكمه بالعدل والحق من غير محاباة وجائز أن يقال إن حكما أحسن من حكم كما لو خير بين حكمين نصا وعرف أن أحدهما أفضل من الآخر كان الأفضل أحسن وكذلك قد يحكم المجتهد بما غيره أولى منه لتقصير منه في النظر أو لتقليده من قصر فيه قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) روى عن عكرمة أنها نزلت في أبى لبابة بن عبد المنذر لما تنصح إلى بنى قريظة وأشار إليهم بأنه الذبح وقال السدى لما كان بعد أحد خاف قوم من المشركين حتى قال رجل أو إلى اليهود وقال آخر أو إلى النصارى فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال عطية بن سعد نزلت في عبادة بن الصامت وعبد الله بن أبى بن سلول لما تبرأ عبادة من موالاة اليهود وتمسك بها عبد الله بن أبى وقال أخاف الدوائر والولي هو الناصر لأنه يلي صاحبه بالنصرة وولى الصغير لأنه يتولى التصرف عليه بالحياطة وولى المرأة عصبتها لأنهم يتولون عليها عقد النكاح وفي هذه الآية دلالة على أن الكافر لا يكون وليا للمسلم لا في التصرف ولا في النصرة ويدل على وجوب البراءة من الكفار والعداوة لهم لأن الولاية ضد العداوة فإذا أمرنا بمعاداة اليهود والنصارى لكفرهم فغيرهم من الكفار بمنزلتهم ويدل على أن الكفر كله ملة واحدة لقوله تعالى (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ويدل على أن اليهودي يستحق الولاية على النصراني في الحال التي كان يستحقها لو كان المولى عليه يهوديا وهو أن يكون صغيرا أو مجنونا وكذلك الولاية بينهما في النكاح هو على هذا السبيل ومن حيث دلت على كون بعضهم أولياء بعض فهو يدل على إيجاب التوارث بينهما وعلى ما ذكرنا من كون الكفر كله ملة واحدة وإن اختلفت مذاهبه وطرقه وقد دل على جواز مناكحة بعضهم لبعض اليهودي للنصرانية والنصراني لليهودية وهذا الذي