إنّ هذين الرجلين قتلا عثمان : طلحة والزبير ، وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، فلمّا غُلبا عليه قالا : نغسل الدم بالدم ، والحوبة بالتوبة.
ثمّ قال المغيرة بن شعبة : أيّها الناس إن كنتم إنّما خرجتم مع أُمّكم ، فارجعوا بها خيراً لكم ، وإن كنتم غضبتم لعثمان ، فرؤساؤكم قتلوا عثمان ، وإن كنتم نقمتم على عليّ شيئاً ، فبيّنوا ما نقمتم عليه ، أنشدكم الله ، فتنتين في عام واحد. فأبوا إلاّ أن يمضوا بالناس.
الإمامة والسياسة (١) (١ / ٥٥).
١٢ ـ لمّا نزل طلحة والزبير البصرة ، قال عثمان بن حنيف : نعذر إليهما برجلين. فدعا عمران بن حصين صاحب رسول الله ، وأبا الأسود الدؤلي ، فأرسلهما إلى الرجلين فذهبا إليهما فناديا : يا طلحة فأجابهما ، فتكلّم أبو الأسود الدؤلي ، فقال : يا أبا محمد إنّكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله ، وبايعتم عليّا غير مؤامرين لنا في بيعته ، فلم نغضب لعثمان إذ قتل ، ولم نغضب لعليّ إذ بويع ، ثمّ بدا لكم فأردتم خلع عليّ ، ونحن على الأمر الأوّل ، فعليكم المخرج ممّا دخلتم فيه. ثمّ تكلّم عمران ، فقال : يا طلحة إنّكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذ لم تغضبوا ، ثمّ بايعتم عليّا وبايعنا من بايعتم ، فإن كان قتل عثمان صواباً ، فمسيركم لما ذا؟ وإن كان خطأ فحظّكم منه الأوفر ، ونصيبكم منه الأوفى ، فقال طلحة : يا هذان إنّ صاحبكما لا يرى أنّ معه في هذا الأمر غيره ، وليس على هذا بايعناه ، وايم الله ليسفكنّ دمه. فقال أبو الأسود : يا عمران أمّا هذا فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك. ثمّ أتيا الزبير فقالا : يا أبا عبد الله إنّا أتينا طلحة. قال الزبير : إنّ طلحة
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ٦٠.