صاحبيك فتشتدّ في موضع الشدّة وتلين في موضع اللين ، إنّ الشدّة تنبغي لمن لا يألو الناس شرّا ، واللين لمن يخلف الناس بالنصح ، وقد فرشتهما جميعاً اللين.
وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال : كلّ ما أشرتم به عليّ قد سمعت ، ولكلّ أمر باب يؤتى منه ، إنّ هذا الأمر الذي يُخاف على هذه الأُمّة كائن ، وإنّ بابه الذي يغلق عليه فيكفكف به اللين والمؤاناة والمتابعة إلاّ في حدود الله تعالى ذكره التي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها ، فإن سدّه شيء فرفق ، فذاك والله ليفتحنّ ، وليست لأحد عليّ حجّة حقّ ، وقد علم الله أنّي لم آل الناس خيراً ولا نفسي ، وو الله إنّ رحى الفتنة لدائرة ، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحرّكها ، كفكفوا الناس وهبوا لهم حقوقهم واغتفروا لهم ، وإذا تُعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها.
فلمّا نفر عثمان أشخص معاوية وعبد الله بن سعد إلى المدينة ، ورجع ابن عامر وسعيد معه ، ولمّا استقلّ عثمان رجز الحادي :
قد علمت ضوامرُ المطيّ |
|
وضُمّراتُ عُوَّجِ القسيّ |
أنّ الأمير بعده عليّ |
|
وفي الزبير خلفٌ رضيّ |
وطلحة الحامي لها وليّ
فقال كعب وهو يسير خلف عثمان : الأمير بعده صاحب البغلة ، وأشار إلى معاوية.
٣ ـ وأخرج (١) (ص ١٠١) بالإسناد الشعيبي المذكور :
كان معاوية قد قال لعثمان غداة ودّعه وخرج : يا أمير المؤمنين انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قِبَل لك به ، فإنّ أهل الشام على الأمر لم يزالوا. فقال : أنا لا أبيع جوار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي. قال :
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٤٥ حوادث سنة ٣٥ ه.