دين الله عوجا ، وتنزع إلى الغواية؟ إنّه لن يضرّ ذلك قريشاً ولا يضعهم ولا يمنعهم من تأدية ما عليهم ، إنّ الشيطان عنكم لغير غافل ، قد عرفكم بالشرّ فأغراكم بالناس ، وهو صارعكم وإنّكم لا تدركون بالشرّ أمراً إلاّ فتح عليكم شرّ منه وأخزى ، قد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم ، لا ينفع الله بكم أحداً أبداً ولا يضرّه ، ولستم برجال منفعة ولا مضرّة ، فإن أردتم النجاة فالزموا جماعتكم ولا تبطرنّكم النعمة ، فإنّ البطر لا يجرّ خيراً ، اذهبوا حيث شئتم ، فسأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم.
وكتب إلى عثمان : إنّه قدم عليّ قوم ليست لهم عقول ولا أديان ، أضجرهم العدل لا يريدون الله بشيء ، ولا يتكلّمون بحجّة ، إنّما همّهم الفتنة والله مبتليهم وفاضحهم ، وليسوا بالذين نخاف نكايتهم ، وليسوا الأكثر ممّن له شغب ونكير (١). ثمّ أخرجهم من الشام.
وروى الحسن المدائني : إنّه كان لهم مع معاوية بالشام مجالس طالت فيها المحاورات والمخاطبات بينهم ، وإنّ معاوية قال لهم في جملة ما قاله : إنّ قريشاً قد عرفت أنّ أبا سفيان أكرمها وابن أكرمها إلاّ ما جعل الله لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه انتجبه وأكرمه ، ولو أنّ أبا سفيان ولد الناس كلّهم لكانوا حلماء.
فقال له صعصعة بن صوحان : كذبت ، قد ولدهم خير من أبي سفيان ، من خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له ، فكان فيهم البرّ والفاجر والكيّس والأحمق.
قال : ومن المجالس التي دارت بينهم أنّ معاوية قال لهم : أيّها القوم ردّوا خيراً واسكنوا (٢) وتفكّروا وانظروا فيما ينفعكم والمسلمين فاطلبوه وأطيعوني.
__________________
(١) في شرح النهج : وليسوا بأكثر ممّن له شغب ونكير. وفي تاريخ الطبري والكامل : فإنهم ليسوا لأكثر من شغب ونكير.
(٢) كذا في الطبعة المعتمدة لدى المؤلف من شرح النهج ، وفي الطبعة المعتمدة لدينا : أو اسكتوا.