فقال له صعصعة : لست بأهل لذلك ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله.
فقال : إنّ أول كلام ابتدأت به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعة رسوله وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا.
فقال صعصعة : بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال : إن كنت فعلت فإنّي الآن أتوب وآمركم بتقوى الله وطاعته ولزوم الجماعة وأن توقّروا أئمّتكم وتطيعوهم.
فقال صعصعة : إذا كنت تبت فإنّا نأمرك أن تعتزل أمرك ؛ فإنّ في المسلمين من هو أحقّ به منك ممّن كان أبوه أحسن أثراً في الإسلام من أبيك ، وهو أحسن قدماً في الإسلام منك.
فقال معاوية : إنّ لي في الإسلام لقدماً وإن كان غيري أحسن قدماً منّي لكنّه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه منّي ، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطّاب ، فلو كان غيري أقوى منّي لم يكن عند عمر هوادة لي ولغيري ، ولا حدث ما ينبغي له أن اعتزل عملي ، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إليّ فاعتزلت عمله ، ولو قضى الله أن يفعل ذلك لرجوت أن لا يعزم له على ذلك إلاّ وهو خير ، فمهلاً فإنّ في دون ما أنتم فيه ما يأمر فيه الشيطان وينهى ، ولعمري لو كانت الأمور تُقضى على رأيكم وأهوائكم ما استقامت الأُمور لأهل الإسلام يوماً وليلة ، فعاودوا الخير وقولوه.
فقالوا : لست لذلك أهلاً. فقال : أما والله إنّ لله لسطوات ونقمات ، وإنّي لخائف عليكم أن تتبايعوا إلى مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن فيحلّكم ذلك دار الهوان في العاجل والآجل.
فوثبوا عليه فأخذوا برأسه ولحيته ، فقال : مه ، إنّ هذه ليست بأرض الكوفة ، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى