يقتلوكم ، فلعمري إنّ صنيعكم ليشبه بعضه بعضا. ثمّ قام من عندهم فقال : والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت ، وكتب إلى عثمان :
بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان ، أمّا بعد : يا أمير المؤمنين فإنّك بعثت إليّ أقواماً يتكلّمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم ويأتون الناس ـ زعموا ـ من قبل القرآن فيشبّهون على الناس ، وليس كلّ الناس يعلم ما يريدون ، وإنّما يريدون فرقة ، ويقرّبون فتنة ، قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكّنت رُقى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممّن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ، ولست آمن إن أقاموا أهل الشام أن يغرّوهم بسحرهم وفجورهم فارددهم إلى مصرهم ، فلتكن دارهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم. والسلام.
فكتب إليه عثمان يأمره أن يردّهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة ، فردّهم إليه فلم يكونوا إلاّ أطلق ألسنة منهم حين رجعوا ، وكتب سعيد إلى عثمان يضجّ منهم ، فكتب عثمان إلى سعيد : أن سيّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وكان أميراً على حمص وهم : الأشتر ، وثابت بن قيس الهمداني (١) وكميل بن زياد النخعي ، وزيد بن صوحان وأخوه صعصعة ، وجندب بن زهير الغامدي ، وحبيب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد (٢) وعمرو بن الحمق الخزاعي.
وكتب عثمان إلى الأشتر وأصحابه : أمّا بعد : فإنّي قد سيّرتكم إلى حمص فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها ، فإنّكم لستم تألون الإسلام وأهله شرّا. والسلام.
فلمّا قرأ الأشتر الكتاب قال : اللهمّ أسوأنا نظراً للرعيّة ، وأعملنا فيهم بالمعصية فعجّل له النقمة. فكتب بذلك سعيد إلى عثمان ، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص
__________________
(١) في تاريخ الطبري [٤ / ٣٢٦ حوادث سنة ٣٣ ه] : النخعي ، بدل : الهمداني. (المؤلف)
(٢) في أُسد الغابة : ٣ / ٤٠٣ [٤ / ٢٧ رقم ٣٦٤٠] : كان ممّن سيّره عثمان رضى الله عنه إلى الشام من أهل الكوفة. (المؤلف)