دلي من السور بالحبال ، ومنهم من ظهر مختفيا ، ومنهم من وقعت فيه شفاعة.
وكانت في القدس ملكة مترهبة ولها مال كثير فمنّ عليها السلطان بالإفراج ، ولم يتعرض منها إلى شيء ، وكانت زوجة الملك المأسور ابنة الملك أيادي فخلصت بمن معها ومن تبعها وكذلك الإبرنساسة (١) ابنة فيليب أم هنفري أعفيت من الوزن ، واستطلق صاحب البيرة (٢) زهاء خمسمائة أرمني ، ذكر (٣) أنهم من بلده ، وأنهم حضروا للزيارة ، وطلب مظفر الدين كوكبوري (٤) ألف أرمني ادعى أنهم من الزهاد ، فأطلقهم له السلطان ، وكان السلطان قد رتب عدة دواوين في كل ديوان منها عدة من النواب المصريين ومنهم من الشاميين ، فمن أخذ من أحد الدواوين خطا بالأداء انطلق مع الطلقاء بعد عرض خطه على من بالباب من الأمناء والوكلاء.
وحصل من الأمناء مواطأة واختلاس كثير (٥) في المال (٦) ، ومع ذلك حصل لبيت المال ما يقارب مائة ألف دينار. وبقي جماعة من الفرنج في الأسر لعدم القيام بما عليهم.
ذكر يوم الفتح
وهو يوم سابع عشر من رجب ـ كما تقدم ـ واتفق فتح بيت المقدس في يوم كان مثل ليلة معراج نبينا محمد (٧) ، صلىاللهعليهوسلم ، ورفعت الأعلام الإسلامية على أسواره ، وجلس السلطان للقاء الأكابر والأمراء والمتصوفة والعلماء ، وهو جالس على هيئة التواضع وعليه الأبهة والوقار وحوله أهل العلم والفقهاء وعليهم السكينة والجلال ، وقد ظهر السرور على أهل الإسلام بنصرتهم (٨) على عدوهم المخذول ، وزينت بلاد الإسلام لفتح بيت المقدس ، وتسامع الناس بهذا النصر والفتح ، فوفدوا للزيارة من سائر البلاد.
وأما الفرنج فشرعوا في بيع أمتعتهم واستخراج ذخائرهم وباعوها بالهوان ،
__________________
(١) الإبرنساسة أ ج ه : الإبرنسانية ب : ـ د.
(٢) البيرة : قلعة حصينة بين حلب والثغور الرومية ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٥١ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ٢٤٠.
(٣) ذكر أ ج : ادعى ب ه : ـ د.
(٤) كوكبوري أ ب : ـ ب ج د ه.
(٥) ينظر : ابن أيوب ٢٧٣.
(٦) في المال ب : ـ أ ج د ه.
(٧) نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم أ : النبي صلىاللهعليهوسلم ب ج ه : ـ د.
(٨) بنصرتهم ... بلاد الإسلام أ ب ج : ـ د ه.