أولا : الاستهانة بالمقاييس الاقتصادية التي كانت موضع ثقة الجميع كالمكيال والميزان فاذا بخسوا فيهما فان النظام الاجتماعي ذاته يصبح مهددا بالزوال. إذ ان النظام يقوم على أساس الثقة والتوافق الاجتماعي عليه ، ولا ثقة ولا توافق مع الاحتيال على المقاييس والقيم التي يجب ان تكون ثابتة ومعتمد عليها.
ثانيا : تبديل العلاقة الاجتماعية السابقة التي كانت تعتمد على احترام حقوق الآخرين ، والتنافس البنّاء من أجل الحصول على خيرات الأرض بتعاون الجميع وثقتهم ببعضهم ، ولكنهم بدّلوا ذلك بعلاقة الصراع ومحاولة كلّ فرد أو كلّ جبهة أو جماعة السطو على حقوق الآخرين ، مما يهدد محور المجتمع ، وأساس المدنية.
ثالثا : تبديل علاقة الإنسان بالطبيعة من علاقة الإصلاح والتعمير والبناء ، والانتفاع المعقول الى علاقة الإفساد والهدم ، والإسراف في الانتفاع أو الشذوذ فيه.
هكذا جاءت رسالة الله لأهل مدين على يد شعيب في لحظة التحول. حيث كانوا أحوج شيء الى الهداية. فقال لهم شعيب (ع) :
(وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ)
أي احترموا المكيال والميزان ، وليكن كيلكم ووزنكم بالعدل التام.
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ)
سواء كانت مادية أو معنوية ، وليكن همّكم أداء حقوق الآخرين واحترامهم ، والاعتراف بمنزلتهم وكرامتهم دون أي نقص في ذلك.
(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)