توجيه المستقبل :
[٨٦] وأضاف شعيب (ع) في توجيهه لقومه الجاهليين توجيها هاما يعتبر ضمانا لاستمرار الحضارة وحفظا لها من أسباب التدهور والزوال ، وهو التسامي عن جاذبية المادة ، والتحليق في سماء الايمان ، والاعتقاد العملي بالمستقبل ، وبالتالي التسلح برؤية بعيدة فقال :
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
ما هي بقيت الله؟
انه رضوانه وثوابه.
والسؤال هو : كيف يمكن لقوم مثل قوم شعيب الحصول على الباقيات الصالحات؟ إلا بترك الموبقات التي ذكرت في الآية السابقة ، ثم العمل في سبيل الله بالطعام المساكين ، وأداء حقوق الفقراء ، وبناء المساجد والمرابط ، والإنفاق من أجل بناء السدود والقنوات والطرق و. و. ، وكلما هو في سبيل الله. أليس كذلك؟!
والعمل بكل ذلك يوجب استمرار الحضارة في الازدهار للمستقبل ، وعدم الإسراف في استهلاك المكاسب الآن ، وكل حضارة تقوم بالازدهار في بداية تكونها ولكنها تتوقف عن الازدهار ، ثم تبالغ في الاستهلاك انها تنتهي وتزول ، أما إذا استمرت الحضارة في العمل للمستقبل ، وفي إيجاد علاقة ايجابية وبناءه مع الناس ومع الطبيعة ، فانها سوف تبقى وتستمر ، لذلك اعتبرنا هذا الأمر الالهي الذي أظهره شعيب ضمانا لاستمرار الحضارة. وتشير بعض الآيات القرآنية الاخرى الى هذه الحقيقة مثل قوله سبحانه.
(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ