(قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)
وبدل ان كانت المشكلة واحدة فقط أصبحت الآن متعددة ، حيث ان الفساد الذي كان شائعا في تلك البيئة قد أحاط بشخص يوسف (ع) ، ولكن كانت تلك حكمة بالغة لله حيث ان تحدي يوسف (ع) وهو فتى اشتري للخدمة ، وطالبته سيدات مصر للفاحشة بما فيهن من جمال وشهرة ، ان تحديه للفساد ، وللضغوط المختلفة هز المجتمع الجاهلي من الاعماق وأثار فيهم التساؤلات إذا فوق قيمة المادة. قيمة اسمى هي قيمة الايمان. إذا فنحن على خطأ. إذ كيف يرفض هذا الفتى هذا العرض المغري ، أم كيف يتحدى هذه الضغوط الهائلة ، فيعرض نفسه للسجن والإهانة؟
لقد كانت الإغراءات كبيرة إلى درجة نرى يوسف (ع) ذلك الفتى الصديق يستعين بالله منها ويقول :
(وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ)
اي : ان لم تدركه رحمة الله وعصمته يكاد يميل إليهن ويصبح جاهلا بذلك ، أو يفعل الفحشاء.
[٣٤] وأنقذه الله تعالى في الوقت المناسب وأعطاه القوة الكافية لمقاومة جاذبية المادة الثقيلة ومن ثم التحليق في سماء القيم.
(فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
وهكذا يصرف الله تعالى عن المؤمنين الصادقين كيد شياطين الأنس والجن ، ويعطي الفرد عصمة عن الذنوب بعد ان يطلب الفرد ذلك من ربه.