والسؤال المطروح هو ان الرؤية هذه هل كانت في المنام أم كانت من أحلام اليقظة التي هي الاخرى دليل على إرهاصات الحقيقة التي يشعر بها الفرد أحيانا ، ويسمى عادة بالتفاؤل أو التشاؤم ، أو الحس السادس .. أو ما أشبه.
في بعض الأحاديث ان صاحب الخمر كان صادقا وهو الذي نجى ، بينما كان صاحب الخبز كاذبا في رؤياه ، وسواء صدقا أم لا فان ما رأياه كان صورة عن الحقيقة التي سوف تقع. راها أحدهما في المنام وتخيلها الثاني في اليقظة ، والقرآن سكت عن كيفية الرؤيا واكتفى بقوله : «إِنِّي أَرانِي» الذي ينطبق على حالة الحلم كما في حالة اليقظة.
(وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
لقد استغل يوسف (ع) وجوده في السجن عمليا وقوليا ، فهو يبلغ لرسالته بالقول ، ولكنه لم يكتف بذلك بل جسد رسالة السماء في سلوكه عمليا شأن كل الدعاة الصادقين لقد كان يبكي على امتداد الوقت ، ويجتهد في الضراعة ، ويتبتل الى ربه بصلواته الخاشعة وفي فترات فراغه كان إذا ضاق على رجل مكانه وسع له ، وان احتاج جمع له ، وان مرض قام عليه لذلك انجذب اليه المعتقلون ، واعتقدوا بأنّه صاحب فضل عليهم وقالوا له :
«إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ».
[٣٧] قال يوسف (ع) قبل ان يأتيكما الطعام الذي هو مخصص لكم اما من البيت أو من إدارة السجن سوف انبئكما بتأويل رؤيا كما.
(قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما)