المؤمن يدركه الله في الظروف التي يتعرض فيها للضغوط الاجتماعية أو النفسية كما فعل سبحانه بيوسف الذي أحاطت به أسباب الرذيلة الاجتماعية. حيث هددته زوجة العزيز بالسجن ، وكذلك عواملها النفسية حيث عرضت امرأة شابة جميلة نفسها عليه وهو في عنفوان شبابه ، حيث الشهوة الجنسية في أوجها ، ولكنه نجا من الرذيلة برحمة الله حيث قال : «وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ».
[٥٤] وبعد ان ثبتت براءة يوسف (ع) امام الملك طلبه لكي يصبح من المقربين اليه.
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي)
اي اجعله خالصا لنفسي ، أستعين به في اموري ، ويبدو ان الكلمة توحي بمفهوم الوزارة عندنا.
وجاء يوسف (ع) تحدث معه الملك ، فعرف رشد عقله ، واكتمال شخصيته من خلال كلامه.
«فالمرء مخبوء تحت لسانه»
كما جاء في الحديث ، لذلك خوّل اليه المناصب الهامة.
(فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ)
اي ذا مكانة ثابتة ، واننا نثق بك.
[٥٥] ولكن يوسف (ع) لم يكتف بذلك ، ولم يفرح بالتحول الفجائي الذي حدث عنده من السجن ، الى الوزارة ، بل سعى من أجل الوصول الى خطته البعيدة المدى.