ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (٣٤ / لقمان)
وعلم الله لا يقف عند حدود الأجنة ، بل هو يعلم كل مكنون من القول وكل ظاهر منه ، وكل من سار بالليل أو سرب في النهار ، وعلم الله ليس الشهود وحده أو الغيب وحده ، بل علمه محيط بهما معا ، فعلمه بالغيب كعلمه بالشهادة ، وكيف لا وهو مع كل شيء ، وأقرب الى كل شيء من أي شيء ، وهو معنا أينما كنا ، وأقرب إلينا من حبل الوتين ، فسبحان الله الكبير المتعال : أكبر من التصور ، متعال عن مجانسة الخلق.
ومن آياته ان جعل مع كل نفس ملائكة تحفظها من الأخطار ، فاذا جاء أجلها خلّوا بينها وبين الأجل .. الا يدل ذلك على رحمة ربنا ، وأنّه أرحم بنا منّا ، وأنّه كيف نحفظ أنفسنا ونحن لا نستطيع ان ندفع عنها ضرا أو نجلب لها نفعا ، ولو قلنا بأننا نستطيع أن ندفع عن أنفسنا حال غفلتنا وانشغالنا ، إذا فالإنسان ليس سيد نفسه ، بل الله سيده على نفسه ، وان له الولاية المطلقة ، ولكن الله سبحانه مع حفظه للإنسان يسمح بمرور العذاب والبلاء بمقدار ما تستحق كل نفس (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
ومن آيات الله ان يرافق السحب الثقال البروق والرعود خوفا من عقابه ورجاء لرحمته ، فهذا الرعد الذي يسبح بحمده يهز ضمائرنا ، ويذكرنا بعظمة الجبار ، وسرّ عظمة الرعد أنه خاضع لله ، مسبح بحمده ، وليس الرعد وحده هو الذي يسبح بحمده ، بل أن الملائكة التي تقوم بأمر الرعد والسحاب تسبح كذلك خشية منه .. (هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ).
أبعد هذه الآيات يكفر الإنسان بالله ويشرك به غيره؟! إن هو آمن بالله وفّقه للخيرات ، وان أشرك به لم يوفق للخيرات ولن يصل الى غاية حميدة فسوف يبقى في