لقد وفر الله للبشر نور العقل وهو يكفيه حجة بأدنى تذكرة. بيد ان ربنا أتم حجته عليهم بالحجج الواضحة التي لا ينكرها الّا المعاندون.
باء : أما الناس فقد ردوا أيديهم ووضعوها في أفواههم اشارة الى ضرورة السكوت ، كما يفعل من لا يريد الكلام فيجعل يده على فمه ليقول للآخر : افعل هكذا واسكت ، وهؤلاء لم يكتفوا بطلب السكوت من الأنبياء بل أشاروا الى ذلك بأيديهم أيضا توغلا في العناد ، وليبقى عملهم شاهدا على أنهم أساسا لم يستمعوا الى القول فكيف بقوله.
(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ)
قال بعضهم : إن الناس ردوا أيدي الرسل الى أفواه الرسل لإسكاتهم أو ردوا أيديهم هم الى أفواه الرسل لإسكاتهم.
(وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ)
وكفرهم سبق شكهم. لأنهم قرّروا الكفر عنادا ، ثم ارتابوا بعدئذ ، كما جاء في الحديث :
«لا تجعلوا علمكم جهلا ، ويقينكم شكا. إذا علمتم فاعملوا ، وإذا أيقنتم فاقدموا»
(وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ)
[١٠] جيم : أما الرسل فقد ربطوا بين رسالتهم وبين الذي اوحى بها وهو الله ، وبدأوا من نقطة البداية قائلين : أفي الله شك؟! فمن إذا خالق السماوات والأرض وفاتقهما بعد ان كانتا رتقا؟!