(وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ)
ولكن ليس جميع الناس يثقون بالكلام الذي فيه إنذار وبشارة ، بل فقط الذين يخشون ربهم ، ويتذكرون مقامه ، ومقامتهم أمامه للشهادة.
ولا يستمر النصر الا باستمرار أسبابه ، وهو الخوف من مقام الله وسمو جلاله ، والخشية من وعيده وإنذاره.
(ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ)
[١٥] وبثمن الخضوع التام لله ، دفع الله إليهم هدية النصر ، كما ان أعداءهم خابت ظنونهم وآمالهم وذهبت جهودهم سدى بسبب عنادهم ، وكلما طلبوا الفتح أملا وعملا.
(وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)
التجبر طلب علو المنزلة بما ليس له غاية في الوصف ، وإذا وصف العبد بأنه جبار كان ذما ، لأنه طلب للعلو لا لهدف بل للتعالي ، ولإشباع نهم الاستعلاء بحق أو بغير حق ، وهذا هو معنى العنيد ، وهو الامتناع عن الحق باستمرار.
[١٦] والله يقابل عناد هؤلاء بجهنم تلهب أكبادهم عطشا ، ولا يسقون الّا بماء كالقيح الذي يصدر من الجروح المتعفنة.
(مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ)
وقد يكون هذا القيح هو لعاب ألسنتهم المعاندة ، التي لا تنطق الا بالباطل.
[١٧] وهم يشربون الجرعة بعد الجرعة دون ان يجري ذلك في مريئهم بسهولة ، ولكنهم يحاولون ذلك بسبب عطشهم الملتهب.