لان الله أعلم بما في أنفسهم ، فان كانوا صادقين وافاهم أجلهم وأعطاهم الخير ، فكيف يطردهم نوح فيصبح ظالما لهم.
بينات من الآيات : الرسول وأولياء الرسالة :
[٢٩] لان الملاء من قوم نوح ، وكذلك الملأ المستكبرين من كل قوم يستغلون الناس ، ويستثمرون طاقاتهم ، فلا يسعهم النظر الى الاحداث إلّا من خلال واقعهم الطبقي ، لذلك يتهمون الرسل بأنهم إنما يريدون الثروة من وراء دعوتهم ، وينفي الرسل بكل قوة هذه التهمة ليفصلوا بين دعوتهم الاصلاحية وبين دعوات الملأ التي تهدف المزيد من استغلال المستضعفين.
(وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ)
فنوح ـ شأنه شأن كل البشر ـ يطلب أجرا ويعمل لهدف ، ولكنه لا يطلبه من الناس بل من الله ، وبذلك أثبت نوح ـ مرة اخرى ـ الطابع الغيبي لرسالته.
ولأن نوحا (ع) لا يريد الانتفاع بعلمه ليصبح رقما جديدا في قائمة الملأ يتقاسم معهم المكاسب الآتية من ظلم الناس واستغلالهم ، كما كان يفعل علماء السوء. لذلك فهو يقف الى جانب المظلومين ويقول بصراحة :
(وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا)
وقد يكون للطبقة السفلى التي تهرع الى الايمان بعض السلبيات المترسبة فيهم بسبب الجاهلية ، أو بسبب تعرضهم للظلم ، فرسالة السماء ليست مسئولة عن سلبياتهم ، وعدم طردهم لا يعني أبدا أن رسول الله يزكيهم تماما ، بل إن حسابهم عند الله.