[٤١] وحين ركب نوح وقومه الصالحون السفينة تجلت عندهم روح الايمان الخالص ، وتوكلوا على ربهم متذكرين اسمي الغفران والرحمة ـ لله ـ فبمغفرته يحط ذنوبهم وبرحمته ينزل عليهم بركاته وفضله.
(وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها)
فكل شيء في الكون موجود بالله وقائم بالله ، ويتحرك أو ينمو أو ينطق باسم الله. بيد ان هناك حوادث يتجلى فيها التدبير المباشر لله تعالى أكثر ، مثل سفينة نوح التي صنعها بأمر الله دون أن يعرف منذ البدء ابعاد العملية ، ولا يعرف أين تجري السفينة ، واين تقف وفي أية فترة ، انما توكل على الله فيها ، لعلمه انها في اطار تدبير الله وهيمنته المطلقة على الكون.
(إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
بعدا للقوم الظالمين :
[٤٢] وبين لحظة واخرى تحولت الصحاري الى بحار مواجة ، وتلاطمت الأمواج الهائلة وكأنها جبال متحركة ، ولاحظ نوح ابنه واقفا في معزل عن الناس فناداه ليركب معه ، وربما أخذته شفقة الأبوة أو رحمة النبوة ، ولكن الابن السيء الحظ رفض لانعدام توكله على الله ، ولاعتماده على المادة الجاهلية ، بسبب تعلقه السابق بها ، وقال سوف ألتجئ الى جبل يحفظني من الطوفان.
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ)
كان ابن نوح ويقال ان اسمه كنعان ، من جملة الذين اعتزلوا المعركة الساخنة بين الحق والباطل ، وأراد الا يتدخل في القضايا الرسالية ، شأنه شأن الكثير من الجبناء الذين لا يملكون شجاعة الاقدام في سبيل الله. بيد ان مثل هؤلاء سوف