[٥٣] ورفض قوم هود رسالة الله ، وادعوا انهم لم يقتنعوا بأدلته وحججه ، ولكن كذبا إذ أن دافعهم الاصلي في رفضهم لها كان تمسكهم الأعمى بالتقاليد وعبادتهم للآلهة التي رفضوا تركها اعتمادا على كلام هود ، وربما كان هناك سبب آخر لرفضهم للرسالة. هو استنكافهم عن التسليم لهود. ويوحى الى ذلك تعابيرهم التي كرر فيها (الخطاب) ونسبت الرسالة الى شخص هود ، بينما لم يكن هود سوى رسول حامل للرسالة. تدبروا في الآية :
(قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)
وقد زعموا أن ايمانهم ، إنما هو للرسول وفي منفعته ، بينما كان الواقع غير ذلك تماما.
[٥٤] ولكي يبرروا جهلهم بواقع الرسالة ، ويغطوا على نقاط الضعف في كلامهم نسبوا الرسالة الى حالة مجهولة غيبية ، اعترت الرسول ـ مما لا يعرف أبعادها ـ.
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ)
وهكذا اعترفوا ضمنيا بخطإ أقوالهم السابقة ، وزعمهم بأن هودا إنما يدعوهم لنفسه. وهنا عرف هود ان العصبية العمياء تحيط بقلوب هؤلاء القوم فيرفضون الحق بلا تفكر لذلك.
(قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)
وبدأت مرحلة جديدة من الصراع هي مرحلة المواجهة الساخنة حيث أعلن هود براءته من أفكارهم. وانفصاله عن مجتمعهم الفاسد.