عظيم ، فهو يكاد يهلك نفسه حينما يرى كفر الناس بالرسالة.
(لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)
[٤] ولكن هل الرسول قادر على ما يريده من ايمان الناس بالرسالة من دون اذن الله ، كلا .. لأن الله منح الناس حرية القرار ، ولم يرد إكراههم على الإيمان ، ودليل ذلك أنه لا ينزل عليهم عذابا غليظا يجعلهم خاضعين للحق.
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)
ولكن ربنا شاء ان يؤمنوا بكامل حريتهم ، ولو أنزل عليهم عذابا فآمنوا خشية وقوعه عليهم لم يكن ينفعهم إيمانهم ، انما ينفع الإيمان إذا جاء بلا إكراه.
روي عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ انه قال وهو يتحدث عن الأنبياء وحكمة الابتلاء :
«ولو أراد الله ـ جل ثناؤه ـ حين بعثهم ، ان يفتح لهم كنوز الذهبان ، ومعادن البلدان ، ومغارس الجنان ، وان يحشر طير السماء ، ووحش الأرض معهم لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء ، وبطل الجزاء ، واضمحل الابتلاء ، ولما وجب للقائلين أجور المبتلين ، ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ، ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين ، ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين» (٣)
[٥] رسالات الله تستثير العقل ، وتستنهض الفطرة ، وتطهر القلب من رواسب
__________________
(٣) المصدر / ص (٤٦).