(يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
وهذا هو المنطلق.
[١٠] (وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌ)
يقول المفسرون ان الجان هي الحية الصغيرة سريعة الحركة ، ولكنا نعلم ان عصى موسى (ع) تحولت الى ثعبان ضخم ، وعليه فقد يكون التعبير بكلمة «جان» وهي الحية الصغيرة لبيان معنيين الاول : جانب الخفّة والسرعة في الحركة حتى كأن هذا الثعبان الضخم في خفته حية صغيرة ، والثاني : انه كان في ضخامته كأنه الجن.
وموسى (ع) حين رأى هذا المنظر الرهيب :
(وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ)
اي هرب ولم يلتفت الى خلفه ، أو لم يتعقب الأمر ويتابعه مرحلة فمرحلة ولحظة فلحظة ، الا ان العناية الالهية تحوط موسى وتمده بالعون في كل حين ، لذلك جاءه النداء تثبيتا له :
(يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)
الرسالة هي عطاء الهي جديد يضاف الى الرسول ، وليست نبوغا فطريا ، ولا نموا طبيعيا في حياته ، لذلك نجد موسى (ع) يخشى ويخاف من العصا التي ألقاها هو نفسه ، إذ لم يكن يعلم انها ستتحول الى جان.
لقد سما موسى (ع) في لحظة الى أفق النبوة ، من حملة الرسالات الالهية فأضحى ينفذ الأمر بلا خشية ولا تردد ، حقا ما أعظم التحول الذي ينشأوه الوحي في هذا