والسبب من اقتصار علمهم على الدنيا هو شكّهم في الآخرة.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها)
بل أكثر من ذلك :
(بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)
فلا يذكرون الآخرة ، كالأعمى الذي لا يعرف النور ولا اللون. ويبدو أنّ في السياق تدرجا في مراحل جهلهم ، فقد توقّف علمهم فلا يعرفون أيّ شيء من شؤون الآخرة ، وهذا وحده سبب كاف لنبذهم من قبل اتباعهم ، ثم بيّن ربّنا أنهم أساسا يشكّون في الآخرة ، فكيف ينفعون أحدا في دار يشكّون في وجودها ، ثم بيّن أنّهم فقدوا ما كان يمكنهم معرفة الآخرة به وهو عين البصيرة ، ومن لا يملك جهازا للإدراك فهل يتصدّر إدراكه لشيء.
[٦٧] (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ)
إنّهم يشكون في البعث والجزاء لجهلهم بالله وقدرته ، وأيضا لجهلهم بالخلق.
[٦٨] (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
والأساطير هي الخرافات التي تشيع داخل المجتمع ، ولا واقع لها. ولو أنّ هؤلاء تعمّقوا قليلا لعرفوا أنّ الحكمة تقف وراء كلّ شيء في هذه الحياة ، ثم لعرفوا من خلال ذلك حقيقة المسؤولية ، وأنّ هناك دارا للجزاء هي الآخرة ، ولعل هذه الآية تفسر الآية السابقة وتبيّن أنّ سبب عمه هؤلاء الأنداد ، ومن يشرك بهم من الجاهلين هو استبعادهم البعث وزعمهم بأنّه لا يكون ، لأنّهم لا يعرفون كيف يمكن أن