لرجل كلبيّ زعم ذلك :
«يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم ، وإنّما علم الغيب علم الساعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ... الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقيّ أو سعيد ، ومن يكون للنار حطبا ، وفي الجنان للنبيين مرافقا ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي أن يعيه صدري ، وتضطمّ عليه جوانحي» (١)
(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
إنّ هؤلاء لا يشعرون حتى مجرّد شعور متى يكون بعثهم.
[٦٦] (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ)
لقد توقف علمهم وانتهى عند حدود الدنيا لنظرتهم المادية ، وكفرهم بالله تعالى ، والمؤمن يسأل الله أن يتجاوز علمه وإدراكه الدنيا إلى الآخرة ، ففي الدعاء :
«ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا» (٢)
ولا ريب أنّ الذي يفكّر في الدنيا فقط فإنّ مصيبته ستكون في دينه.
__________________
(١) نهج البلاغة / خ (١٢٨) / ص (١٨٦).
(٢) مفاتيح الجنان / في أعمال ليلة النصف من شعبان.