ربما لم يتخذ منه هذا الموقف.
(فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ)
وقد عبر القرآن عن المرة الثانية بالاستصراخ ، ولم يقل يستنصره ـ كما كان في حديثه عن الأمس ـ وربما ذلك ليبين ان موقف الإسرائيلي كان فاضحا ، ولعل هذا كان مما دعا موسى (ع) للغضب عليه.
(قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ)
انك تعرف الطريق الصحيح ، وانه من غير المناسب تفجير الصراع في مثل هذه الظروف ، ولكنك تتنكب عن الطريق بشكل بيّن وواضح ، وذلك ان موسى (ع) ـ كما يبدو ـ كان قد بين له في المرة الأولى الخطأ «قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ» (٢) لكنه خالف القيادة فاستحق العتاب بل التأديب كما في الرواية التي مر ذكرها.
ومع كل ذلك صمم موسى (ع) على البطش بالقبطي ، لأنه أخذ على نفسه عهدا بان لا يكون ظهيرا للمجرمين.
[١٩] (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما)
هو والاسرائيلي ـ بعد ان لام الذي من شيعته على خطئه ـ وحيث ان كلمات موسى كانت قد أثرّت أثرها في نفس الاسرائيلي ، فأراد الثأر لنفسه :
(قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ)
__________________
(٢) القصص / (١٥).