هكذا تبيّن ان الرجل كان غويّا مبينا ، وان صراعه مع الأقباط كان مجردا عن المضمون الرسالي. إذ بمجرد خشيته من غضبة قائده ومنقذه انقلب عليه ، واتهمه بأنه يريد ان يتجبر في الأرض ـ يتسلط على الناس بغير الحق ـ وان ادعاءه بالسعي وراء الإصلاح ليس بصحيح ، ولعله كان من نمط المارقين الذين خرجوا على الامام علي ـ عليه السّلام ـ وهذا النمط من الثوريين هم المتطرّفون ، المعجبون بأنفسهم ، ضعاف الولاء لقيادتهم ، ومهما يكن نمط هذا الشخص فقد أذاع سرّا هاما من أسرار الحركة.
ويلاحظ في أحاديث أهل البيت (ع) أنهم اعتبروا إفشاء السر أو اذاعة الأمر ـ حسب التعبير الاسلامي ـ من أعظم المحرمات ، قال الامام الصادق (ع):
«يا ابن النعمان! اني لأحدّث الرجل منكم بحديث فيتحدث به عني ، فاستحل بذلك لعنته والبراءة منه ، يا ابن النعمان! إنّ المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هم أعظم وزرا ، بل هو أعظم وزرا ، بل هو أعظم وزرا» (٣)
قال (ع):
«والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤنة من الناطق علينا بما نكره» (٤)
وقال (ع):
«من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطأ» (٥)
وعند ما نقارن بين موقف موسى (ع) من الاسرائيلي في المرتين ، نجد التالي :
__________________
(٣) بحار الأنوار ج (٧٨) / (٢٨٧).
(٤) المصدر ج (٧٥) / ص (٧٤).
(٥) المصدر / ص (٨٧).