[٤٥] ثم تبيّن الآية ما يبدو أنه إشارة الى الدورات الحضارية ، حيث أن من عادة البشر نسيان رسالات ربه بعد تطاول القرون ، مما يجعله محتاجا إلى بعث جديد برسالة الهية.
(وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ)
لقد بقيت البشرية تلفها الظلمات قرونا بعد قرون قبل ميلاد الرسالة ، حيث بدأت الهوّة بين الناس ورسالة موسى (ع) تتّسع شيئا فشيئا ، حتى نبذوه وراء ظهورهم ، وعشعش الجهل في أوساطهم ، لذا كانوا بحاجة الى رسالة جديدة ، تبعث فيهم الوعي وتوقظ الضمير.
(وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا)
إلّا أن عدم وجودك لا يعني أنهم لم تصل إليهم الحجة ، فالحياة قائمة على هذه السنّة الإلهية.
(وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)
لقد أرسلنا إليهم شعيبا ، كما أرسلنا رسولا الى العرب.
[٤٦] (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)
لعل هذه الآية تؤكد على وحدة الرّسالات الإلهية من خلال وحدة أهدافها ، وبالتالي فإنّ الإيمان برسالة موسى يستلزم الإيمان برسالة الإسلام ، وإذ يربط السياق القرآني بين هاتين الرسالتين فذلك لأسباب منها :
١ ـ أنهما تشكلان خطّا واحدا في الرسالات الاخيرة للحياة ، ورسالة