ومن جهة أخرى نجد موقف الكفر ، والذي يتلخص في ثلاثة أمور هي : عدم الاهتمام بعوامل النعمة أولا ، وعدم السعي لتحقيق أهدافها ثانيا ، واتخاذ الموقف الخاطئ منها ثالثا.
وفي هذا الدرس نجد معالجة عميقة لهذين الموقفين ـ الشكر والكفر ـ فمع أننا لا نجد هاتين الكلمتين الا ان الآيات ـ من هذا الدرس حتى قصة قارون ـ تحدد للإنسان الموقف السليم من النعمة.
إن أهل مكة من العرب كانوا يتصورون ان النعمة التي يتقلبون فيها ناشئة من الواقع القائم ، حيث عبادة الأصنام ، وفرض السيطرة على العرب من خلال الموقع الاقتصادي والاجتماعي ، لذلك لم يكونوا يريدون الإيمان بالرسول (ص) خوفا من تمرد العرب ضدهم ، وبالتالي خسران هذه المكتسبات ، فأجابهم الله :
أولا : انكم لم تعرفوا السبب الحقيقي للنعمة. انه ارادة الله ، وحكمه الذي قضى بحرمة البيت ، وهكذا إذا تمسّكوا بسائر أحكام الله نزلت عليهم البركات لا تلك القيم الفاسدة التي تتصورونها ، وبالتالي فان الايمان به وبرسوله سوف يزيد هذه النعمة ويحافظ عليها.
ثانيا : ان النعم قد تكون نقمة على صاحبها ، وذلك عند ما تخدعه وتدعوه للغرور ، فكم هي القرى التي تصاعدت في مدارج النعم المادية الى ان بطرت معيشتها فدمرها الله بسبب كفر أهلها ، بعد ان أقام الله عليهم الحجة ببعث رسله وأنبيائه ، وإذ يشير الله الى ما آلت اليه تلك القرى ، فان في ذلك إنذارا لأهل مكة.
ثالثا : ثم لو افترضنا جدلا أنها لم تكن من عند الله ، فان دعوة القرآن لهم ليست من أجل الرخاء المادي فحسب ، بل من أجل نعيم الآخرة الذي لا يحصى