بينما لا تساعد الهدم الا في ظل قوانين الهلاك الفطرية.
الذي يبني يعمل معه كل ما في الكون لأنه الآخر يبني ، ونستوحي من هذا فكرة هامة وهي : ان أفضل وسيلة لنمو الإنسان وتكامله ليس هدم الآخرين وانما بناء ذاته ، لأنه بالبناء سوف تتفاعل معه قوى الطبيعة وسننها ، أما عن طريق الهدم فهو يخسر كل ذلك.
٢ ـ ان الحركات القسرية التي لا تنسجم وطبيعة الحياة يحكمها الفشل ، فبالرغم من ان الظلم والبغي وما أشبه ، قد فسح له ربنا المجال ليختبر ارادة البشر ، الا انه لا يدوم باعتباره حركة قسرية فالذين يخرجون من بلادهم بالظلم لا بد ان يعودوا اليه ولو بعد حين ، وفي التاريخ تمت هجرات قسرية كثيرة ، بعضها من أجل الرسالة ، وبعضها من أجل الكلأ والماء ، وبعضها بسبب الإرهاب الحاكم ، ولكن أصحابها كانوا يعودون ولو بعد قرون منتصرين.
وهذا يدل على ان تلك الأعمال التي جرت على الرغم من العدالة والحق في الكون ، محكومة بالفشل وقد انتهت بالفعل ، وهذا ما تؤكده الآية الثانية في هذا الدرس ، والتي نزلت على المهاجرين في المدينة ، في الوقت الذي كان أكثرهم لا يحلمون بالعودة الى وطنهم الاول.
٣ ـ على الإنسان الذي يحمل مشعل العلم والرسالة ان لا يتصور بأن ذلك له بل انه من الله القي اليه ، وبالتالي يجب أن لا يسعى للحفاظ عليها وعلى مركزه فيها حتى لو كان ذلك على حساب قيمه ومبادئه ، فالرسول لو لا رسالة الله لكان فردا عاديا. اذن فالذي منحه الرسالة هو القادر ان يبقيه في علو الشأن الذي بلغه بسببها ، ويجب ان لا يفكر بأن يكون ظهرا للكافرين ، ليكتسب منهم القدرة ، أو يتنازل عن بعض ما أنزل اليه طمعا في تأييدهم (كما فعل النصارى بدينهم