وتستدرجنا الى عذاب الله الأليم ، فإننا نجد إبراهيم (ع) يبين فكرة هامة هنا هي : ان اتخاذ الأوثان انما تم بهدف المودة المتبادلة بين المشركين ، وان هذا الهدف باطل ، إذ يكفر المشركون ببعضهم يوم القيامة.
ان البشر خلق اجتماعيا ، ولعل اسم الإنسان والناس مستوحى من هذه الفطرة الراسخة فيه ، اما كلمة الحضارة أو المدنية فانها تشير الى حضور الإنسان عند نظيره ، وهو بعيد عن ذات الفطرة ، الا ان هذه النزعة الاجتماعية تضل سبيلها وهي كسائر الغرائز البشرية بحاجة الى توجيه وتزكية ، فكما غريزة الجنس يهذّبها الإسلام ويهديها الى السبيل القويم لها بالزواج ، كذلك النزعة الاجتماعية ، ولكن بسبب انفلات هذه النزعة عن قنواتها المحددة ، جرّت ، البشرية الى مآسي مروعة.
كيف ذلك؟
قبل ان نجيب عن هذا السؤال نوضح حقيقتين :
الف : النزعات الفاسدة في قلب البشر هي التي تضحى علاقات اجتماعية شاذة في حياته ، فحب المال حبّا جمّا يفرز الطبقية ، والتكبر يولد الاستكبار والعلو في الأرض ، والجبن يسبب الاستضعاف ، والحرص يجر الى الفساد الاقتصادي. و.. و.
ولذلك كان الجبت والطاغوت وجهان لعملة فاسدة واحدة ، فعبادة المال والتسليم للصولجان هو جبت القلب ، بينما الديكتاتورية والاستبداد طاغوت المجتمع.
باء : ان الجاهليين الذين كانوا يعبدون الأوثان لم يكونوا ناقصي العقول الى هذه الدرجة ليزعموا ان هذه الأحجار التي يصنعونها بأيديهم هي التي خلقتهم