ونحن نعرف ان الجزاء من جنس العمل ، وعذاب الله سبحانه ـ دنيا وآخرة ـ انما هو صورة أخرى لأفعالهم ، فمن قدس الماء غرق فيه ، ومن حفر الصخر عذب به .. وهكذا.
قال الحجاج لسعيد بن حبير (رض) لما أراد قتله : اختر قتلتك ، فأجابه سعيد بكل ثقة واطمئنان : بل اختر أنت قتلتك التي سأقتلك بها في الآخرة.
[٤١] (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)
ان من اعتمد على غير الله ، فان حضارته كبيت العنكبوت ، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.
فمهما كانت قوة الإنسان وقدرته ، فانها لن تجدي نفعا امام قدرة الله ، بيد ان الضمان الوحيد لاستمرار الطاقات ، ونمو الحضارات هو تبلور المفاهيم التوحيدية في الواقع ، وأداء واجب الشكر ، وحق الطاعة ، واقتلاع جذور الشرك والعبودية لغير الله.
[٤٢] (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
ان الله يعلم حقائق الشرك الخفية في النفوس ، ومصاديقها في الواقع ، مهما تعددت أشكالها ، وتنوعت حقائقها ، والله عزيز قادر على الأخذ كيفما يشاء متى يشاء ، ولكنه حكيم لا يأخذهم حتى يتم الحجة عليهم.
[٤٣] (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)