العادي امتلاكه ، فكيف ببثّه في جيل كامل ، وعليه أيضا ان يتحدى الثقافة الموجودة ، ومن يقف خلفها.
ويجب أن نقف إجلالا لذلك الفكر الذي يصيغ أجيالا مؤمنة. أن نقف إجلالا أمام صبر الرسل وتضحياتهم كنوح على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام.
كان يعيش مجتمع نوح الطبقية والتجبر في الأرض ، فكانوا يحتجون على نوح (ع) بقولهم : كيف نؤمن لك واتّبعك الأرذلون؟! وكانوا يهددون نوحا ـ عليه السلام ـ ومن اتبعه بالرجم تجبرّا وعلوّا في الأرض.
واتباع الأرذلين لنوح ليست مبرّرا لعدم الإيمان ، فان كانوا ارذلين ، فربهم أولى بحسابهم ، وعلى كل حال فلم تكن نهاية قوم نوح بأفضل من نهاية قوم فرعون أو قوم إبراهيم حيث دعا نوح ربه عليهم ، وسأله أن يفتح بينه وبينهم فتحا ، فأغرقهم الله ونجّى نوحا ومن معه من المؤمنين.
ومرة أخرى تجلت عزة الله بالانتقام من قوم نوح ، كما تجلت رحمته بنجاة المؤمنين ، وكان في ذلك أعظم آية ، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
بينات من الآيات :
[١٠٥] (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)
الأنبياء خطّ واحد ومتكامل ، أرسلوا كلهم من قبل رب واحد ، وتقف رسالاتهم جميعا ، من ناحية المبادئ العامة ، وتفترق في المحتوى الاجتماعي ، فموسى جاء لإزالة طاغوت زمانه ، وإنقاذ أمّة مستضعفة ، ونوح جاء لإزالة الطبقية والتجبر ، ومجرد التكذيب برسول واحد يقتضي التكذيب بسائر الرّسل جميعا.