لأنّ إقامته بتطبيق أحكامه تماما كفيلة بتنظيم حياة الناس وإسعادهم ، ثم نهى ربّنا عن التفرّق في الدين بسبب الأهواء والشهوات فقال :
(وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)
لأنّنا لو أقمنا الدين حقّا فلن يكون هناك مجال للتفرّق ، فالدين كلّه واحد وإن اختلفت الرسالات في صياغتها ، وهذه من أعظم وصايا الأنبياء للأمم وللبشرية جمعاء.
جاء في الحديث عن الإمام الرضا (ع) عن آبائه عن النبي (ص) أنّه قال :
قال الله جلّ جلاله : ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني (١)
(كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ)
ولو تدبّرنا عميقا في هذا المقطع لاكتشفنا مدى علاقته بالمقطع السابق من الآية ، فهو يبيّن لنا بأنّ اختلاف الديانات السماوية ناشئ من تسرّب ثقافات الشرك المحيطة بها إليها ، فجوهر الدين واحد ولكنّ الرواسب والأفكار الغربية التي دخلت إليه هي التي أسست الخلاف بين رسالة وأخرى ، وهذه القاعدة تنطبق حتى على الرسالة الواحدة ، فالقرآن مثلا واحد وكلّه حق ، ولكن لماذا صار كل فريق من المسلمين يدّعي أنّه وحده يمثّل القرآن؟ لأنّ بعضهم أضاف اليه إضافات من أفكاره ومن الثقافات الغريبة عليه فلم يقم الدين ، ولأنّ هذه الأفكار والشهوات تختلف من فريق لفريق بل من شخص لآخر دبّ الخلاف بينهم ، بل بدى القرآن نفسه مختلفا للناس.
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٦٥) .