الْعَذابِ) قال : فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال : (قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) قال : فإذا يئسوا من خزنة جهنّم ، رجعوا الى مالك مقدّم الخزّان ، وأمّلوا أن يخلّصهم من ذلك الهوان ، كما قال جلّ جلاله :(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) قال : فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة وهم في العذاب ، ثمّ يجيبهم كما قال الله في كتابه المكنون : (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) قال : فإذا يئسوا (يأملون) من مولاهم ربّ العالمين الذي كان أهون شيء عندهم في دنياهم ، وكان قد آثر كلّ واحد منهم عليه هواه مدّة الحياة ، وكان قد قدّر عندهم بالعقل والنقل أنّه أوضح لهم على يد الهداة سبل النجاة ، وعرّفهم بلسان الحال أنّهم الملقون بأنفسهم الى دار النكال والأهوال ، وأنّ باب القبول يغلق عن الكفّار بالممات أبد الآبدين ، وكان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلّفين بلسان الحال الواضح المبين : هب أنّكم ما صدّقتموني في هذا المقال ، تجوّزون أن أكون من الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني ، وشهدتم بتكذيبي وتكذيب من صدّقني من المرسلين؟! وهلا تحرّزتم من هذه الضرر المحذّر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين ، وتكرار الرسائل؟ ثم كرّر جلّ جلاله مرافقتهم في النار بلسان المقال فقال : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) فقالوا : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) فيقفون أربعين سنة ذلّ الهوان لا يجابون ، وفي عذاب النار لا يكلّمون ، ثم يجيبهم الله جلّ جلاله : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) قال : فعند ذلك ييأسون من كلّ فرج وراحة ، ويغلق أبواب جهنّم عليهم،ويدوم لديهم مآتم الهلاك والشهيق والزفير والصراخ والنياحة» (١) .
وفي روايات أخرى : إنّ الله عند ما يقول لهم : إنّكم ها هنا ماكثون ، يقولون
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٨ / ص ٣٠٤