حمص جميعا يمن من طيّىء وكندة وحمير وكلب وهمدان وغيرهم من بطون اليمن.
افتتحها أبو عبيدة الجراح (١) سنة عشرة صلحا وانتقضت بعد الفتح فصالح أهلها ثانية.
وبحمص أقاليم منها : النمة وأهلها كلب ، والرستن وحماة وهي مدينة على نهر عظيم وأهلها بهراء وتنوخ وصوران وبه قوم من أياد ، وسلمية وهي مدينة في البرية كان عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابتناها وأجرى إليها نهرا واستنبط أرضها حتى زرع فيها الزعفران وأهلها من ولد عبد الله بن صالح الهاشمي ومواليهم وأخلاط من الناس تجار وزراعين.
وتدمر (٢) وهي مدينة قديمة عجيبة البناء يقال لكثرة ما فيها من عجائب الآثار إن
__________________
ـ بين دمشق وحلب في نصف الطريق ، يذكّر ويؤنّث ، بناه رجل يقال له : حمص بن المهر بن جان بن مكنف ، وقيل : حمص بن مكنف العمليقي ، فتحها أبو عبيدة بن الجرّاح لما فرغ من دمشق قدّم أمامه خالد بن الوليد وملحان بن زيّار الطائي ، ثم اتّبعهما فلما توافوا بحمص قاتلهم أهلها ، ثم لجأوا إلى المدينة وطلبوا الأمان والصلح ، فصالحوه على مائة ألف وسبعين ألف دينار. قال صاحب معجم البلدان : ومن عجيب ما تأمّلته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٣٤٧).
(١) أبو عبيدة بن الجرّاح : هو غامر بن عبد الله بن الجرّاح بن هلال الفهري القرشي ، الأمير ، القائد ، فاتح الديار الشامية ، والصحابي ، وأحد العشرة المبشّرين بالجنة ، قال ابن عساكر داهيتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة ، وكان لقبه أمين الأمة ، ولد بمكة سنة ٤٠ ق. ه / ٥٨٤ م وهو من السابقين إلى الإسلام ، وشهد المشاهد كلها ، وولاه عمر بن الخطاب قيادة الجيش الزاحف إلى الشام ، بعد خالد بن الوليد ، فتم له فتح الديار الشامية ، وبلغ الفرات شرقا وآسيا الصغرى شمالا ، ورتب للبلاد المرابطين والعمال ، وتعلّقت به قلوب الناس لرفقه وأناته وتواضعه ، توفي بطاعون عمواس سنة ١٨ ه / ٦٣٩ م ودفن في غور بيسان ، وانقرض عقبه ، له ١٤ حديثا ، وكان طويلا نحيفا ، معروق الوجه ، خفيف العارضين ، أثر الثنيتين ، انتزع بأسنانه نصلا من جبهة النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد ، فهتم ، وفي الحديث : «لكل نبي أمين وأميني أبو عبيدة بن الجراح».
(٢) تدمر : مدينة قديمة مشهورة في بريّة الشام ، بينها وبين حلب خمسة أيام ، قيل : سميت بتدمر بنت حسّان بن أذينة بن السميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السّلام ، وهي من عجائب الأبنية ، موضوعة على العمد الرخام ، زعم قوم أنها ممّا بنته الجنّ لسليمان بن داود النبي عليه السّلام ، وأهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل النبي سليمان عليه السّلام بكثير ، لكن الناس إذا رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه أضافوه إلى النبي سليمان عليه السّلام والجن. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٢١).