والثانية قارا وهي أول عمل جند دمشق. والثالثة القطيفة وبها منازل لهشام بن عبد الملك بن مروان ومنها إلى مدينة دمشق. ومن سلك من حمص على طريق البريد أخذ من جوسية (١) إلى البقاع (٢) ، ثم إلى مدينة بعلبك (٣) وهي إحدى مدن الشام الجليلة وبها بنيان عجيب بالحجارة وبها عين عجيبة يخرج منها نهر عظيم وداخل المدينة الأجنة والبساتين.
ومن مدينة بعلبك إلى عقبة الرمان ثم إلى مدينة دمشق ، ومدينة دمشق مدينة جليلة قديمة وهي مدينة الشام في الجاهلية والإسلام وليس لها نظير في جميع أجناد الشام في كثرة أنهارها وعمارتها ونهرها الأعظم يقال له : [بردى](٤).
افتتحت مدينة دمشق في خلافة عمر بن الخطاب سنة أربع عشرة افتتحها أبو عبيدة بن الجراح من باب لها يقال له : باب الجابية صلحا بعد حصار سنة ودخل خالد بن الوليد من باب لها يقال له : باب الشرقي بغير صلح فأجاز أبو عبيدة الصلح في جميعها وكتبوا إلى عمر بن الخطاب فأجاز ما عمل به أبو عبيدة.
وكانت دمشق منازل ملوك غسان وبها آثار لآل جفنة (٥) ، والأغلب على مدينة
__________________
(١) جوسية : قرية من قرى حمص على ستة فراسخ منها من جهة دمشق بين جبل لبنان وجبل سنير ، فيها عيون تسقي أكثر ضياعها سيحا ، وهي كورة من كور حمص. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٢١٥).
(٢) البقاع : هو أرض واسعة قريبة من دمشق وهي بين بعلبك ، وحمص ، ودمشق ، فيها قرى كثيرة ومياه غزيرة نميرة ، وأكثر شرب أهل هذه الضياع من عين تخرج من جبل ، يقال لهذه العين : عين الجرّ ، وبالبقاع قبر إلياس النبي عليه السّلام. (معجم البلدان ج ١ / ص ٥٥٦).
(٣) بعلبك : مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرخام لا نظير لها في الدنيا ، بينها وبين دمشق مسافة ، قيل : إن بعلبك كانت مهر بلقيس وبها قصر سليمان بن داود عليه السّلام ، وهو مبني على أساطين الرخام ، وبها قبر النبي إلياس عليه السّلام ، وبها من عجيب الآثار الملعبان ، الكبير بني في أيام سليمان بن داود عليهما السّلام ، وطول الحجر من حجارته عشرة أذرع على عمد شاهقة يروع منظرها ، وبهذه المدينة من الهياكل شيء عجيب ، وهي قديمة البناء جدّا حتى إن عوام أهلها كانوا يزعمون أن سورها من بنيان الشياطين لا يغيّره زمان ولا يؤثّر فيه حدثان ، ولكثرة بساتينهم يشترى عندهم من الفواكه بدانق ما يأكل جماعة أهل البيت ويفضلون منه. (معجم البلدان ج ١ / ص ٥٣٧).
(٤) وردت في الأصل : «بردا» ، ولعل الصحيح ما أثبتناه.
(٥) جفنة : بطن من خزاعة من الأزد القحطانية ، وهم بنو جفنة بن عوف ، ذكرهم في العبر ولم يرفع نسبهم ، ومنازلهم كانت الحيرة. (نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ص ٢٠١).