إلى بغداد بعد الحريق الذي وقع بالأسواق ببغداد ومعه خمس مائة ألف دينار ففرقها على التجار الذين ذهبت أموالهم في الحريق فحسنت أحوالهم وبنوا أسواقهم بالجص والآجر وجعلوا أبواب حوانيتهم أبواب حديد.
قال أحمد الكاتب : أنفق عليه (أحمد بن طولون على الجامع) مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار ، وقال له الصناع على أي مثال تعمل المنارة وما كان يعبث قط في مجلس فأخذ درجا من الكاغذ وجعل يعبث به فخرج بعضه وبقي بعضه في يده فعجب الحاضرون فقال اصنعوا المنارة على هذا المثال فصنعوها.
ولما تم بناء الجامع رأى أحمد بن طولون في منامه كأن الله تعالى قد تجلى للمقصورة التي حول الجامع ولم يتجل للجامع فسأل المعبّرين فقالوا يخرب ما حوله ويبقى قائما وحده فقال : من أين لكم هذا؟ قالوا من قوله تعالى : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ ، لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف : ١٣٤].
وقوله صلّى الله عليه وسلّم : «إذا تجلى الله لشيء خضع له» (١) ، وكان كما قالوا.
***
__________________
(١) أخرجه النّسائي في السنن (الكسوف ١٦) ، ابن ماجه في السنن (إقامة ١٥٢).