يدخل الفارس بالعلم ، والرامح بالرمح الطويل من غير أن يميل العلم ، ولا يثني الرمح ، وجعل سورها باللبن العظام التي لم ير مثلها قط على ما وصفنا من مقدارها والطين.
وجعل أساس السور تسعين ذراعا بالسوداء ، ثم ينحطّ حتى يصير في أعلاه على خمس وعشرين ذراعا ، وارتفاعه ستون ذراعا مع الشرفات ، وحول السور فصيل (١) جليل عظيم ، بين حائط السور وحائط الفصيل مائة ذراع بالسوداء.
وللفصيل أبرجة عظام وعليه الشرفات المدوّرة ، وخارج الفصيل ، كما يدور ، مسناة (٢) بالآجر (٣) والصاروج (٤) متقنة محكمة عالية ، والخندق بعد المسناة قد أجري فيه الماء من القناة التي تأخذ من نهر كرخابا ، وخلف الخندق الشوارع العظماء.
وجعل لأبواب المدينة أربعة دهاليز عظاما آزاجا (٥) كلها ، حول كل دهليز ثمانون ذراعا كلها معقودا بالآجر والجص.
فإذا دخل من الدّهليز الذي على الفصيل وافى رحبة مفروشة بالصخر ، ثم دهليزا على السور الأعظم عليه بابا حديد جليلان عظيمان ، لا يغلق كل باب ولا يفتحه إلا جماعة رجال ، والأبواب الأربعة كلها على ذلك ، فإذا دخل من دهليز السور الأعظم سار في رحبة إلى طاقات معقودة بالآجر والجص ، فيها كواء رومية (٦) يدخل منها الشمس والضوء ، ولا يدخل منها المطر وفيها منازل الغلمان ، ولكل باب من الأبواب الأربعة طاقات وعلى كل باب من أبواب المدينة التي على السور الأعظم قبة معقودة عظيمة مذهبة ، وحولها مجالس ، ومرتفعات يجلس فيها فيشرف على كل ما يعمل به ، يصعد إلى هذه القباب على عقود مبنية بعضها بالجص والآجر ، وبعضا باللبن العظام.
قد عملت آزاجا بعضها أعلى من بعض فداخل الآزاج للرابطة والحرس ،
__________________
(١) الفصيل : جمعها فصلان وفصال وفصلان ، حائط قصير دون سور المدينة وقدّامه. (القاموس المحيط ، مادة : فصل).
(٢) مسناة : لها حواف مسنّنة. (القاموس المحيط ، مادة : سنن).
(٣) الآجر : الطين. (القاموس المحيط ، مادة : أجر).
(٤) الصاروج : الكلس وأخلاطه وهي لفظة فارسية الأصل. (المنجد في اللغة والأعلام ، مادة : صرج).
(٥) آزاجا : بنيت طولا. (القاموس المحيط ، مادة : أزج).
(٦) كواء رومية : فتحات في الحائط. (القاموس المحيط ، مادة : كوي).