وكان فيه الإصطبلات وموضع العرض (١) وقصر يشرع على دجلة لم يزل أبو جعفر ينزله.
وكان فيه المهدي قبل أن ينتقل إلى قصره بالرصافة (٢) الذي بالجانب الشرقي من دجلة فإذا جاوز موضع الجسر (٣) فالجسر ، ومجلس الشرطة ، ودار صناعة للجسر ، فإذا جاوزت ذلك فأول القطائع قطيعة سليمان بن أبي جعفر في الشارع الأعظم على دجلة وفي درب يعرف بدرب سليمان ، وإلى جنب قطيعة سليمان في الشارع الأعظم قطيعة صالح بن أمير المؤمنين المنصور وهو صالح المسكين مادة إلى دار نجيح مولى المنصور التي صارت لعبد الله بن طاهر.
وآخر قطيعة صالح قطيعة عبد الملك بن يزيد الجرجاني المعروف بأبي عون وأصحابه الجرجانية ، ثم قطيعة تميم الباذغيسي متصلة بقطيعة أبي عون ، ثم قطيعة عبّاد الفرغاني ، وأصحابه الفراغنة ، ثم قطيعة عيسى بن نجيح المعروف بابن روضة وغلمان الحجابة ، ثم قطيعة الأفارقة ، ثم قطيعة تمام الديلمي مما يلي قنطرة التبانين ، وقطيعة
__________________
(١) العرض : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وادي اليمامة ، ويقال لكل واد فيه قرى ومياه عرض ، والأعراض : قرى بين الحجاز واليمن. (معجم البلدان ج ٤ / ص ١١٥).
(٢) الرصافة : ولعلها رصافة بغداد وهي بالجانب الشرقي ، لمّا بنى المنصور مدينته بالجانب الغربي ، واستتمّ بناءها أمر ابنه المهدي أن يعسكر في الجانب الشرقي ، وأن يبني له فيه دورا وجعلها معسكرا له فالتحق بها الناس وعمرّوها فصارت مقدار مدينة المنصور ، وعمل بها المهدي جامعا أكبر من جامع المنصور وأحسن ، وكان فراغ المهدي من بناء الرصافة والجامع بها سنة ١٥٩ ه ، وهي السنة الثانية من خلافته. وبها مقابر خلفاء بني العباس. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٥٢).
(٣) الجسر : بكسر الجيم ، يريدون الجسر الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة ، ويعرف أيضا بيوم قس الناطف ، وكان من حديثه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أمر خالد بن الوليد وهو بالعراق بالمسير إلى الشام لنجدة المسلمين ، ويخلّف بالعراق المثنى بن حارثة الشيباني ، فجمعت الفرس لمحاربة المسلمين ، وكان أبو بكر قد مات فسيّر المثنى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرّفه بذلك ، فندب عمر الناس إلى قتال الفرس ، فهابوهم ، فانتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار بن أبي عبيد في طائفة من المسلمين ، فقدموا إلى بانقيا ، فأمر أبو عبيد بعقد جسر على الفرات ، ويقال : بل كان الجسر قديما هناك لأهل الحيرة يعبرون عليه إلى ضياعهم فأصلحه أبو عبيد ، وذلك سنة ١٣ ه ، وعبر إلى عسكر الفرس وواقعهم ، فكثروا على المسلمين ونكوا فيهم نكاية قبيحة لم ينكوا في المسلمين من قبلها ولا بعدها مثلها ، وقتل أبو عبيد فيها. (معجم البلدان ج ٢ / ص ١٦٢).