(تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل : ٢٠] ، ولا يقع بعده إلا اسم معرفة كالأمثلة الأول ، أو شبيه بها في امتناع دخول أل عليه كالمثال الأخير ، سواء كان ظاهرا أم مضمرا أم مبهما أم معرفا باللام أم مضافا جامدا أم مشتقا لم يتقدم متعلقه عليه ، سواء كان الناسخ فعلا أم حرفا هذا مذهب الجمهور في الجميع ، وفي كل خلاف ، فذهب ابن مالك إلى أنه قد تنتفي المطابقة فيقع بلفظ الغيبة بعد حاضر قائم مقام مضاف كقوله :
١٨٩ ـ وكائن بالأباطح من صديق |
|
يراني لو أصبت هو المصابا |
فهو فصل بلفظ الغيبة بعد المفعول الأول وهو الياء في يراني على حذف مضاف ، أي : مصابي هو المصاب فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وحمله العسكري في «المصباح» على أن هو تأكيد للفاعل في يراني والمضاف مقدر والمصاب مصدر ، أي : يظن مصابي المصاب ، أي : يحقر كل مصاب دونه ، وقال غيره : هو عند صديقه بمنزلة نفسه فإذا أصيب في نفسه فكأن صديقه قد أصيب ، فجعل ضمير الصديق مؤكدا لضميره ؛ لأنه هو في المعنى مجازا واتساعا فهو من باب زيد زهير ، وذهب الأخفش إلى جواز وقوعه بين الحال وصاحبها كقراءة (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) [هود : ٧٨] بنصب أطهر ، وتقول : هذا زيد هو خيرا منك ، وردّ بأن أطهر نصب ب : لكم على أنه خبر هن فيكون من تقديم الحال على عاملها الظرفي.
وذهب قوم إلى جواز وقوعه بين نكرتين كمعرفتين في امتناع دخول أل عليهما نحو : ما أظن أحدا هو خيرا منك وحسبت خيرا من زيد هو خيرا من عمرو ، وذهب قوم من الكوفيين إلى جواز وقوعه بين نكرتين مطلقا وخرجوا عليه : (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) [النحل : ٩٢].
وذهب قوم منهم إلى جواز وقوعه بعد اسم لا نحو : لا رجل هو منطلق ، وذهب آخرون إلى جواز وقوعه قبل المضارع نحو : كان زيد هو يقوم ، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز وقوعه قبل معرفة بغير اللام ، فلم يجز كان زيد هو أخاك وكان زيد هو صاحب الحمار ونحوه ، وأوجب ابتدائية ورفع ما بعده ، وكذا لم يجز وقوعه في باب ما ، وأوجب فيه الابتدائية ، وجوز في ليس الوجهين ورجح الابتدائية ، وذهب الكسائي والفراء إلى جواز
__________________
١٨٩ ـ البيت من الوافر ، وهو لجرير في الخزانة ٥ / ٣٩٧ ، ٤٠١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٧٥ ، ومغني اللبيب ص ٤٩٥ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٦٦٢ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٠٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٢.