٢٠٩ ـ وإنّما الهالك ثم التالك |
|
ذو حيرة ضاقت به المسالك |
كيف يكون النّوك إلّا ذلك |
أراد ذلكم فحذف الميم ، واستغنى بإشباع ضمة الكاف ، وقال أبو حيان : لا دليل في البيت ؛ لأنه يتزن بالإسكان ، وإن صحت الرواية بالضمة فهو من تغيير الحركة لأجل القافية على حد قوله :
٢١٠ ـ سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
فلا حجة فيه ، وفي الكاف لغة أخرى وهي الاقتصار عليها بكل حال من غير إلحاق علامة تثنية ولا جمع تركا لها على أصل الخطاب ، ثم منهم من يفتحها مع المذكر ، ويكسرها مع المؤنث ، ومنهم من يفتحها معهما.
الرابعة : تتصل هذه الكاف أعني الحرفية بأرأيت بمعنى أخبرني نحو : أرأيتك يا زيد عمرا ما صنع ، وأرأيتك يا هند وأرأيتكما وأرأيتكم وأرأيتكن ، فتبقى التاء مفردة دائما ، ويغني لحاق علامات الفروع بالكاف عن لحوقها بالتاء ، وفيها حينئذ مذاهب :
أحدها : أن الفاعل هو التاء والكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب وعليه البصريون.
الثاني : أن التاء حرف خطاب وليست باسم وإلا لطابقت والكاف هي الفاعل للمطابقة وعليه الفراء ، ورد بأن الكاف يستغنى عنها بخلاف التاء فكانت أولى بالفاعلية ، وبأن التاء محكوم بفاعليتها في غير هذا الفعل بإجماع ولم يعهد ذلك في الكاف.
الثالث : أن الكاف في موضع نصب وعليه الكسائي ، ورد بأنه يلزم عليه أن يكون المفعول الأول وما بعده هو الثاني في المعنى ، وأنت إذا قلت : أرأيتك زيدا ما فعل لم تكن الكاف بمعنى زيد ، فعلم أنه لا موضع لها من الإعراب ، وأن زيدا هو المفعول الأول وما بعده المفعول الثاني ، فإن قيل : لم لم يكن من قبيل ما يتعدى إلى ثلاثة فيكون الأول غير الثاني؟ أجاب أبو علي بأنها لم تتعد إلى ثلاثة في غير هذا الموضع ، ولو كانت من
__________________
٢٠٩ ـ لم يرد الرجز في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٣.
٢١٠ ـ البيت من الوافر ، وهو للمغيرة بن حبناء في الخزانة ٨ / ٥٢٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٩٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٠ ، وبلا نسبة في الرد على النحاة ص ١٢٥ ، ورصف المباني ص ٣٧٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٦٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٦٢.