ولا يوقف إلا على ما كان على حرفين ، واستدل للمذهب الثاني بحذف الهمزة وصلا ، وأجيب بأنها وصلت تخفيفا ، وبأن العامل يتخطاها ، ولو كانت في الأصل كقد كانت في تقدير الانفصال ولم يتخطها ، وأجيب بأن تقدير الانفصال لا يترتب على كثرة الحروف ، بل على إفادة معنى زائد على معنى المصحوب ، ولو كان المشعر به حرفا واحدا كهمزة الاستفهام.
وعدم الانفصال يرتب على إفادة معنى ممازج لمعنى المصحوب كسوف ، وبأن التنكير مدلول عليه بحرف واحد وهو التنوين ، فوجب كون التعريف كذلك ؛ لأن الشيء يحمل على ضده كما يحمل على نظيره ، وأجيب بأنه غير لازم ، بل الاختلاف بها أولى ، وإن سلم فشرطه تعذر الحمل على النظير.
قال أبو حيان : وهذا الخلاف لا يجدي شيئا ، ولا ينبغي أن يتشاغل به.
وقد تخلفها أم في لغة عزيت لطيّء وحمير ، قال ابن مالك : لما كانت اللام تدغم في أربعة عشر حرفا ، فيصير المعرف بها كأنه من المضاعف العين الذي فاؤه همزة جعل أهل اليمن ومن داناهم بدلها ميما ؛ لأن الميم لا تدغم إلا في ميم ، قال بعضهم : إن هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم لام التعريف في أولها نحو : غلام وكتاب بخلاف رجل وناس.
قال ابن هشام : ولعل ذلك لغة لبعضهم لا لجميعهم بدليل دخولها على النوعين في قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس من امبر امصيام في امسفر» (١) أخرجه أحمد ، وقول الشاعر :
٢٢٠ ـ يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
(ص) فإن عهد مصحوبها بحضور حسي أو علمي فعهدية ، ويعرض فيها الغلبة واللمح ، وإلا فجنسية ، فإن لم يخلفها كل فلتعريف الماهية ، أو خلفها حقيقة فللشمول ،
__________________
٢٢٠ ـ البيت من المنسرح ، وهو لبجير بن غنمة في شرح شواهد الشافية ص ٤٥١ ، ٤٥٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٥٩ ، واللسان ، مادة (خندم ، سلم ، ذو) ، والمؤتلف والمختلف ص ٥٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٦٤ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٤٣ ، والجنى الداني ص ١٤٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٢١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٣٢.
(١) أخرجه أحمد في مسنده (٢٣١٦٧).