وخرجت ، فلا يجوز عندهم وخرج ، والبصريون أطلقوا ، قال أبو حيان : والسماع إنما ورد مع الفصل ، ويجوز مراعاة اللفظ والمعنى في ضمير من وما وأل وأي وذو وذات وكم وكأين ؛ لأنها في اللفظ مفردة مذكرة فإن عني بها غير ذلك جاز مراعاة المعنى أيضا ، والأحسن مراعاة اللفظ ؛ لأنه الأكثر في كلام العرب قال تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام : ٢٥] ، وقال (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢] ، وقال الفرزدق :
٢٧٣ ـ نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
وقال امرؤ القيس :
٢٧٤ ـ لما نسجتها من جنوب وشمأل
وإن عضد المعنى السابق فالأولى مراعاته قال تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) [الأحزاب : ٣١] ، فسبق منكن مقو لقوله تعالى : (وَتَعْمَلْ) بالتاء ، ويجب مراعاة المعنى إن حصل بمراعاة اللفظ لبس أو قبح ، فالأول نحو : أعط من سألتك ؛ إذ لو قيل : من سألك لألبس ، والثاني : نحو : من هي حمراء أمتك ومن هي محسنة أمك ؛ إذ لو قيل : من هو أحمر أمتك ومن هو محسن أمتك لكان في غاية القبح ، وسواء كانت الصفة مما يفرق بينه وبين مذكره تاء التأنيث كمحسنة أم لا كحمراء ، ووافق ابن السراج على منع التذكير في الثاني ، وأجازه في الأول لشبهه بمرضع ونحوه من الصفات الجارية على الإناث بلفظ خال من علامة بخلاف أحمر ، فإن إجراء مثله على المؤنث لم يقع فإن حذف ضمير هي ، وقيل : من محسن أمك سهل التذكير.
وإذا اجتمع في من ونحوها ضمائر جاز في بعضها مراعاة اللفظ ، وفي بعضها مراعاة المعنى ، والأحسن البداءة بالحمل على اللفظ قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٨] ، ويجوز البداءة بالمعنى كقولك : من قامت وقعد ، وشرط قوم لجوازه وقوع الفصل بين الجملتين نحو : من يقومون في غير شيء ،
__________________
٢٧٣ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٣٦ ، والكتاب ٢ / ٤١٦ ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٠٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٦١ ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٢٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٠٦.
٢٧٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٨ ، والأضداد ص ٩٣ ، والخزانة ١١ / ٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٣ ، ٢ / ٧٤٣ ، وبلا نسبة في الخزانة ٩ / ٢٧ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٣١ ، والمصنف ٣ / ٢٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٥٥.