ولو تعدد الخبر المشتق والجميع في المعنى واحد نحو : هذا حلو حامض ففيه أقوال : قال الفارسي : ليس فيه إلا ضمير واحد يحمله الثاني ؛ لأن الأول تنزل من الثاني منزلة الجزء ، وصار الخبر إنما هو بتمامها ، وقال بعضهم : يقدر في الأول ؛ لأنه الخبر في الحقيقة والثاني كالصفة له والتقدير هذا حلو فيه حموضة ، وقال أبو حيان : الذي أختاره أن كلا منهما يحمل ضميرا لاشتقاقهما ، ولا يلزم أن يكون كل واحد منهما خبرا على حياله ؛ لأن المقصود جمع الطعمين ، والمعنى أن فيه حلاوة وحموضة.
وقال صاحب «البديع» : الضمير يعود على المبتدأ من معنى الكلام كأنك قلت : هذا مز ؛ لأنه لا يجوز خلو الخبرين من الضمير ؛ لئلا تنتقض قاعدة المشتق ولا انفراد أحدهما به ؛ لأنه ليس أولى من الآخر ، ولا أن يكون فيهما ضمير واحد ؛ لأن عاملين لا يعملان في معمول واحد ، ولا أن يكون فيهما ضميران ؛ لأنه يصير التقدير كله حلو كله حامض ، وليس هذا الغرض منه.
قال أبو حيان : وتظهر ثمرة الخلاف إذا جاء بعدهما نحو : هذا البستان حلو حامض رمانه ، فإن قلنا : لا يتحمل الأول ضميرا تعين أن يكون الرمان مرفوعا بالثاني ، وإن قلنا : يتحمل كان من باب التنازع ، ولتعارض أدلة الأقوال سكت عن الترجيح.
قال ابن جني : راجعت أبا علي نيفا وعشرين سنة في هذه المسألة حتى تبينت لي.
ثم إن جرى المشتق على من هو له استتر الضمير ، قال ابن مالك : بإجماع لعدم الحاجة إلى إبرازه نحو : زيد هند ضاربته ، أي : هي ، قال أبو حيان : وليس كما ادعاه من الإجماع ، ففي «الإفصاح» : أجاز بعض أهل عصرنا أن تقول : زيد عمرو ضاربه هو فيكون جاريا على من هو له ، وترفع الضمير به أو تجعله توكيدا ، وإن جرى على غير من هو له وجب إبرازه ، سواء خيف اللبس نحو : زيد عمرو ضاربه هو ، أم أمن نحو : زيد هند ضاربها هو هذا مذهب البصريين ، وجوز الكوفيون الاستتار في حال الأمن وتبعهم ابن مالك ، واستدل بماه حكاه الفراء عن العرب : كل ذي عين ناظرة إليك ، أي : هي ، وبقوله :
٣١٤ ـ قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت
__________________
٣١٤ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٩٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٨٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٣ ، ١ / ١٩٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠٩ ، ١ / ٩٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٩٤.