١١٠] ، ولو سلم قلنا : كل منهما متقدم على صاحبه من وجه متأخر عنه من وجه آخر ، فلا دور لاختلاف الجهة ، أما تقدم المبتدأ فلأن حق المنسوب أن يكون تابعا للمنسوب إليه وفرعا له ، وأما تقدم الخبر فلأنه محط الفائدة وهو المقصود من الجملة ؛ لأنك إنما ابتدأت بالاسم لغرض الإخبار عنه ، والغرض وإن كان متأخرا في الوجود فهو متقدم في القصد ، وهذا المذهب اختاره ابن جني وأبو حيان ، وهو المختار عندي ، وللكوفيين قول آخر أن المبتدأ مرفوع بالذكر الذي في الخبر نحو : زيد ضربته ؛ لأنه لو زال الضمير انتصب ، فكان الرفع منسوبا للضمير ، فإذا لم يكن ثم ذكر نحو : القائم زيد ترافعا ، وعلى قول الجمهور اختلف في الابتداء فالأصح أنه جعل الاسم أولا ليخبر عنه ، وقيل : تجرده من العوامل اللفظية ، أي : كونه معرى عنها.
(ص) والخبر مفرد جامد ولا ضمير فيه خلافا لزاعمه ، ومشتق يتحمله إن لم يرفع ظاهرا ولا يحمل غير واحد ، وقيل : اثنين إن قدر خلف موصوف ، وثلاثة إن كان بأل ، وفي نحو : حلو حامض قيل : يقدر فيهما ، وقيل : الأول ، وقيل : الثاني ، وقيل : في المعنى لا في واحد ، ويستتر إن جرى على ما هو له ، وقيل : يبرز فاعلا أو تأكيدا ، وإلا برز ، وقال الكوفية وابن مالك : ما لم يؤمن لبس ، وحكمه حالا ونعتا كالخبر ، والفعل كهو ، وقال أبو حيان : إذا خيف لبس كرر الظاهر.
(ش) الخبر ثلاثة أقسام : مفرد وجملة وشبهها وهو الظرف والمجرور ، فالمفرد ما للعوامل تسلط على لفظه مضافا كان أو غيره ، وهو قسمان جامد ومشتق ، والمشتق ما دل على متصف مصوغا من مصدر كضارب ، ومضروب ، وحسن ، وأحسن منه ، والجامد بخلافه ، فالجامد لا يتحمل ضميرا نحو : زيد أسد لا بمعنى شجاع ، وزعم الكسائي أنه يتحمله ، ونسبه صاحب «البسيط» وغيره إلى الكوفيين والرماني ، قال ابن مالك وغيره : وهو دعوى لا دليل عليها ، قال أبو حيان : وقد رد بأنه لو تحمل ضميرا لجاز العطف عليه مؤكدا ، فيقال : هذا أخوك هو وزيد ، كما تقول : زيد قائم هو وعمرو ، والمشتق يتحمله إن لم يرفع ظاهرا نحو : زيد قائم ، بخلاف ما إذا رفعه لفظا نحو : الزيدان قائم أبوهما ، أو محلا نحو : زيد ممرور به ، ولا يتحمل غير ضمير واحد ، وقيل : إن قدر خلفا من موصوف استتر فيه ضميران أحدهما للمبتدأ والآخر للموصوف الذي صار خلفا منه.
فإن كان صلة لأل نحو : زيد القائم ففيه ثلاث ضمائر : للمبتدأ ، وللموصوف الذي صار خلفا منه ، ولأل ، فإذا أكد قيل فيه : زيد القائم نفسه نفسه نفسه.