لا يقبل الفعل شيئا من ذلك وزعم بعضهم أن خبر هذا الوصف محذوف ، ورد بأنه لا حاجة إليه لتمام الكلام بدونه ، وزعم آخر أنه الذي يليه ، وزعم ابن حوط الله أنه يجوز تثنيته وجمعه واستدل بحديث : «أو مخرجيّ هم» (١) ، وأجيب بأنه على لغة أكلوني البراغيث ، أو على التقديم والتأخير ، وعلى الأول لو ثني وجمع جعل خبرا مقدما والمرفوع مبتدأ مؤخر ، ويجوز ذلك مع ما تقدم في الإفراد نحو : أقائم زيد ، وفي جمع التكسير نحو : أقيام الرجال ، وفيما استوى فيه المفرد وغيره نحو : أجنب الزيدان.
(ص) ورافع المبتدأ قال الجمهور : الابتداء وهو جعله أولا ليخبر عنه ، وقيل : تجرده والخبر المبتدأ ، وقيل : الابتداء ، وقيل : هما ، والمختار وفاقا للكوفية وابن جني وأبي حيان : ترافعا ، وقيل : إن لم يكن في الخبر ذكر وإلا فبه.
(ش) في رافع المبتدأ والخبر أقوال : فالجمهور وسيبويه على أن رافع المبتدأ معنوي وهو الابتداء ؛ لأنه بني عليه ورافع الخبر المبتدأ ؛ لأنه مبني عليه فارتفع به كما ارتفع هو بالابتداء ، وضعف بأن المبتدأ قد يرفع فاعلا نحو : القائم أبوه ضاحك ، فلو كان رافعا للخبر لأدى إلى إعمال واحد رفعين ولا نظير له ، وأجيب بأن ذلك إنما يحذر إذا اتحدت الجهة وهي هنا مختلفة ، وبأنه قد يكون جامدا أو ضميرا وهما لا يعملان ، وأجيب بأن ذلك إنما يؤثر فيما يعمل بطريق الشبه بالفعل ، وعمل المبتدأ ليس به ، بل بطريق الأصالة.
وقيل : العامل في الخبر هو الابتداء أيضا ؛ لأنه طالب لهما فعمل فيهما وعليه الأخفش وابن السراج والرماني ، ورد بأن أقوى العوامل وهو الفعل لا يعمل رفعين فالمعنويّ أولى.
وقيل : العامل فيه الابتداء والمبتدأ معا ، وعلى هذا هل العامل مجموع الأمرين أو الابتداء بواسطة المبتدأ قولان ، ونظير الثاني تقوي الفعل بواو المصاحبة في المفعول معه ، وبإلا في المستثنى ، وتقوي المضاف بمعنى اللام أو من.
وذهب الكوفيون إلى أنهما ترافعا فالمبتدأ رفع الخبر والخبر رفع المبتدأ ؛ لأن كلا منهما طالب الآخر ، ومحتاج له ، وبه صار عمدة ، وضعف بأنه يلزم عليه أن تكون رتبة كل منهما التقديم ؛ لأن أصل كل عامل أن يتقدم على معموله ، وأجيب بمنع ذلك بدليل أدوات الشرط فإنها عاملة في أفعالها الجزم وأفعالها عاملة فيها النصب (أَيًّا ما تَدْعُوا) [الإسراء :
__________________
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١٦٠) ، وأحمد في مسنده (٢٥٣٣٧).