وأجاز الكسائي أيضا التقديم في الثالث ، ومنع الأخفش التقديم في الرابع على أن زيدا مرفوع بالمجرور ، وإنما أجازه الكوفيون ولم يجيزوا قائم زيد وضربته زيد ؛ لأن الضمير في قولك في داره زيد غير معتمد عليه ، ألا ترى أن المقصود في الدار زيد ، وحصل هذا الضمير بالعرض ، واحتج البصريون بالسماع ، حكي تميمي أنا ، ومشنوء من يشنؤك ، وذهب ابن الطراوة إلى جواز زيد أخوك دون قائم زيد ، بناء على مذهب له غريب خارج عن قانون العربية ، وقد أشرت إليه في كتاب «الاقتراح في أصول النحو» وتركته هنا لسخافته.
الحالات التي يجوز فيها حذف المبتدأ والخبر :
(ص) مسألة : يحذف ما علم من مبتدأ أو خبر وحيث صح فيهما ، ففي الأولى قولان ، وفي المحذوف من زيد وعمرو قائم ثالثها التخيير ، ويقل بعد إذا.
(ش) يجوز حذف ما علم من المبتدأ والخبر فالأول يكثر في جواب الاستفهام نحو : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ) [القارعة : ١٠ ـ ١١] ، أي : هي نار ، (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) [الحج : ٧٢] ، أي : هو النار ، وبعد فاء الجواب (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) [فصلت : ٤٦] ، أي : فعمله لنفسه ، (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠] ، أي : فهم إخوانكم ، وبعد القول نحو : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الفرقان : ٥] ، ويقل بعد إذا الفجائية نحو : خرجت فإذا السبع ، ولم يقع في القرآن بعدها إلا ثابتا ، ومنه في غير ذلك (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور : ١] ، (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ) [التوبة : ١] ، أي : هذه ، والثاني نحو : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) [الرعد : ٣٥] ، أي : دائم ، (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [المائدة : ٥] ، أي : حل لكم.
وإذا دار الأمر بين كون المحذوف مبتدأ وكونه خبرا فأيهما أولى؟ قال الواسطي : الأولى كون المحذوف المبتدأ ؛ لأن الخبر محط الفائدة ، وقال العبدي : الأولى كونه الخبر ؛ لأن التجوز في آخر الجملة أسهل ، نقل القولين ابن أبان ، ومثال المسألة (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف : ١٨] ، أي : شأني صبر جميل ، أو صبر جميل أمثل من غيره.
وإذا جئت بعد مبتدأين بخبر واحد نحو : زيد وعمرو قائم فذهب سيبويه والمازني والمبرد إلى أن المذكور خبر الأول وخبر الثاني محذوف ، وذهب ابن السراج وابن عصفور إلى عكسه ، وقال آخرون : أنت مخير في تقديم أيهما شئت.