زيد سالمنا ما سلم ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم» (١) ، فإن كان عليه دليل جاز الحذف والإثبات نحو : لو لا أنصار زيد حموه لم ينج ، ومنه بيت المعري السابق ، والجمهور أطلقوا فيه وجوب الحذف بناء على أنه لا يكون بعدها إلا كونا مطلقا ، قال ابن أبي الربيع : أجاز قوم لو لا زيد قائم لأكرمتك ، ولو لا زيد جالس لأكرمتك ، وهذا لم يثبت بالسماع ، والمنقول : لو لا جلوس عمرو ولو لا قيام زيد ، انتهى.
قلت : والظاهر أن الحديث حرفته الرواة بدليل أن في بعض رواياته : «لو لا حدثان قومك» (٢) ، وهذا جار على القاعدة ، وقد بينت في كتاب «أصول النحو» من كلام ابن الضائع وأبي حيان أنه لا يستدل بالحديث على ما خالف القواعد النحوية ؛ لأنه مروي بالمعنى لا بلفظ الرسول ، والأحاديث رواها العجم والمولدون لا من يحسن العربية فأدوها على قدر ألسنتهم ، وك : لو لا فيما ذكر لو ما نبه عليه ابن النحاس في تعليقه على «المقرب» ، وذهب قوم إلى أن الخبر بعد لو لا غير مقدر وأنه الجواب ، وذهب الفراء إلى أن الواقع بعد لو لا ليس مبتدأ ، بل مرفوع بها ؛ لاستغنائه بها كما يرتفع بالفعل الفاعل ، ورد بأنها لو كانت عاملة لكان الجر أولى بها من الرفع ؛ لاختصاصها بالاسم ، وذهب الكسائي إلى أنه مرفوع بفعل بعدها تقديره لو لا وجد زيد أو نحوه ؛ لظهوره في قوله :
٣٣٣ ـ فقلت : بلى لو لا ينازعني شغلي
وذهب جماعة من المتقدمين إلى أنه مرفوع بلو لا لنيابتها مناب فعل تقديره لو لم يوجد ، أو لو لم يحضر.
__________________
٣٣٣ ـ البيت من الطويل ، هو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ١ / ٨٨ ، والخزانة ١١ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٧١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٥٥ ، ٢ / ٣٨٩ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٦٠٧ ، واللسان ، مادة (عذر) ، والتاج ، مادة (لو لا) ، ومغني اللبيب ١ / ٢٧٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٣٨.
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الحج ، باب نقض الكعبة وبنائها (١٣٣٣) ، وابن ماجه ، كتاب المناسك باب الطواف بالحجر (٢٩٥٥).
(٢) أخرجه البخاري ، كتاب الحج ، باب فضل الكعبة وبنيانها (١٥٨٣) ، ومسلم ، كتاب الحج ، باب نقض الكعبة وبنائها (١٣٣٣).