الثاني : إذا وقع خبر قسم صريح نحو : لعمرك وأيمن الله وأمانة الله ، وإنما وجب حذفه ؛ لكونه معلوما وقد سد الجواب مسده ، بخلاف غير الصريح فلا يجب حذف خبره ، بل يجوز إثباته نحو : علي عهد الله لأفعلن ؛ لأنه لا يشعر بالقسم حتى يذكر المقسم عليه ، وما تقدم لا يستعمل إلا في القسم ، وقيل : إن أيمن الله ونحوه خبر محذوف المبتدأ ، والتقدير قسمي أيمن الله.
الثالث : إذا وقع بعد واو بمعنى مع نحو : كل رجل وضعيته ، أي : مقترنان ، فالخبر محذوف لدلالة الواو وما بعدها على المصحوبية ، وكان الحذف واجبا ؛ لقيام الواو مقام مع ، ولو جر بمع لكان كلاما تاما ، هذا مذهب البصريين ، وذهب الكوفيون إلى أن الخبر لم يحذف ، وإنما أغنت عنه الواو كإغناء المرفوع بالوصف عنه ، فهو كلام تام لا يحتاج إلى تقدير ، واختاره ابن خروف فإن لم تكن الواو صريحة في المعية بأن احتملت العطف نحو : زيد وعمرو مقرونان جاز الحذف والإثبات.
الرابع : اختلف في قول العرب : حسبك ينم الناس ، فقيل : الضمة في حسبك ضمة بناء وهو اسم سمي به الفعل وبني على الضم ؛ لأنه كان معربا قبل ذلك فحمل على قبل وبعد ، وعلى هذا أبو عمرو بن العلاء ، والجمهور على أنها ضمة إعراب ، فقيل : هو مبتدأ محذوف الخبر ؛ لدلالة المعنى عليه والتقدير : حسبك السكوت تنم الناس ، وقيل : هو مبتدأ لا خبر له ؛ لأن معناه اكفف ، واختاره ابن طاهر.
الخامس : مسألة ضربي زيدا قائما ، وضابطها أن يكون المبتدأ مصدرا عاملا في مفسر صاحب حال بعده ، لا يصلح أن يكون خبرا عنه ، وهذه المسألة طويلة الذيول كثيرة الخلاف وقد أفردتها قديما بتأليف مستقل ، وأقول هنا : اختلف الناس في إعراب هذا المثال فقال قوم : ضربي مرتفع على أنه فاعل فعل مضمر تقديره يقع ضربي زيدا قائما أو ثبت ضربي زيدا قائما ، وضعف بأنه تقدير ما لا دليل على تعيينه ؛ لأنه كما يجوز تقدير ثبت ، يجوز تقدير قل أو عدم ، وما لا يتعين تقديره لا سبيل إلى إضماره.
وقال الجمهور : هو مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وزيدا مفعول به وقائما حال ، ثم اختلفوا هل يحتاج هذا المبتدأ إلى خبر أو لا؟ فقال قوم : لا خبر له وأن الفاعل أغنى عن الخبر ؛ لأن المصدر هنا واقع موقع الفعل كما في أقائم الزيدان ، والتقدير ضربت زيدا قائما ، وضعف بأنه لو وقع موقع الفعل لصح الاقتصار عليه مع فاعله كالمشبه به.
وقال الكسائي وهشام والفراء وابن كيسان : الحال نفسها هي الخبر ، ثم اختلفوا فقال