بلده ، خرج عليه نائب الغيبة ، فتوجه (١) بلطا إلى قتاله ، ولما تمكن من دخول طرابلس ، سام أهلها سوء العذاب ، فقتل منهم خلقا كثيرا فيهم نحو العشرين من الأعيان ، والقضاة ، والعلماء ، وصادر أموال الناس ، وسبى الحريم.
ومن الحوادث التي أودت ببعض المكتبات ، أن بعض البغداديين دخلوا الكرخ عندما قدم طغرل بك السّلجوقي إلى بغداد لاستعادة مجد الخلافة العباسية عقب ثورة البساسيري ، وقام هؤلاء البغداديون بحرق دور الكرخ وأسواقها ، وكان من جملة ما احترق مكتبة الوزير سابور قال ياقوت : «بين السّورين : اسم لمحلة كبيرة كانت بكرخ بغداد ، وبها خزانة الكتب التي وقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة ، ولم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها ، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة ، وأصولهم المحررة ، واحترقت فيما أحرق من محال الكرخ عند ورود طغرل بك أول ملوك السّلجوقية إلى بغداد سنة ٤٤٧» (٢).
وقال ابن الجوزي : «ثار الهاشميون ، وأهل باب البصرة إلى الكرخ فنهبوها ، وطرحوا النار في أسواقها ودورها ، واحترقت دار الكتب التي وقفها سابور بن أردشير الوزير في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة ، وكان فيها كتب كثيرة» (٣).
(٦) حوالك الزمان :
فجع المسلمون بحوادث أليمة ، أدت إلى ضعف في حضارتهم العظيمة ، ونقص في تراثهم العريق ، فمن تتبع كتب التواريخ رأى أمثلة كثيرة من ذلك ، كاحتراق مكتبات بعض العلماء ، أو غرقها ، أو تلفها بالعفونة والرّطوبة ونحو ذلك ، وأقتصر هنا على ذكر مثالين لذهاب مكتبتين عامتين ، وعظيمتين :
__________________
(١) ينظر خبره في النجوم الزاهرة ١٢ / ١٩١.
(٢) معجم البلدان ١ / ٥٣٤.
(٣) المنتظم ٨ / ٢٠٥.